حمل مصحف

//

الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟/ وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام/ الفتن ونهاية العالم /المقحمات ا.قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية / مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا /المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر /أُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما/ ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

//

حمل المصحف

الأربعاء، 19 يناير 2022

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها/لا أحد أحفظُ للمعروف من الله/الرحمة كلمة صغيرة ولكن/فوائد لبعض الأحاديث ( المجموعة الأولى)/...



من صيد الخاطر
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الوكيل)
د. باسم عامر
بسم الله الرحمن الرحيم
- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ آل عمران: ١٧٣.
وقال تعالى: ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً ﴾ النساء: ٨١.
وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ الزمر: ٦٢.
- المعنى:
الوكيل في لغة العرب: هو من يُسنَد إليه القيام بأمرٍ ما، يقال: وكّلتُ أمري إلى فلان، أي: جعلتُه يلي أمري دوني، وينظر فيه، ويتكفّل به.
فالله الوكيل، أي الذي توكّل بأمر الخلائق فَحفِظَها، وتكفَّل بأرزاقها ومصالحها، وقام بأمورها، لعجزها وضعفها، قال الزجّاجي: "الوكيل: فعيل من قولك وكّلتُ أمري إلى فلان وتوكّل به، أي: جعلته يليه دوني وينظر فيه، فالله عز وجل وكيل عباده، أي: كافيهم أمورهم وأسبابهم، كما يقال: حسبنا الله ونعم الوكيل، تأويله كافينا الله ونعم الكافي، والوكيل: الكفيل أيضاً، كذلك قالوا في قوله تعالى عزَّ وجلَّ في سورة يوسف: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ أي: كفيل". (اشتقاق أسماء الله الحسنى)
وهو سبحانه الوكيل، الذي يتولّى بإحسانه أمور عباده المتقين، الذين يتوكّلون عليه، ويفوّضون أمورهم إليه، ويعتمدون عليه، مع بذلهم للأسباب الشرعية، فيكفيهم الله تعالى، ويغنيهم ويرضيهم، فالمتوكّلون يَكِلون كل أمورهم إلى الوكيل، وهو سبحانه يكفيهم، ويدبر أمورهم، ويحفظهم بحفظه، ويرعاهم برعايته، ويؤيدهم بتأييده، فهو القادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
- مقتضى اسم الله الوكيل وأثره:
اسم الله الوكيل يدل المسلم على من يعتمد عليه، ويفوّض الأمر إليه، فالمسلم العارف بربه باسمه الوكيل يعتمد عليه في الأمور كلها، ويفوّض نتائج الأمور وعواقبها إليه، مع الأخذ بالأسباب المقدورة والمستطاعة، ومن توكّل على الله تعالى فقد كفاه وأغناه، قال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ الطلاق: ٣.
بل إن التوكّل على الله من الأمور المطلوبة شرعاً، فقد أمر الله عزَّ وجلَّ بالتوكّل، قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ المائدة: ٢٣، وقد أثنى الله تعالى على المتوكّلين عليه، فقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ الأنفال: ٢.
======
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الحكيم - الحكم)
د. باسم عامر
بسم الله الرحمن الرحيم
- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ آل عمران: ٦.
ومن السنة: عَنْ هَانِئٍ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه، أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ، فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ؟) فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (مَا أَحْسَنَ هَذَا! فَمَا لَكَ مِنْ الْوَلَدِ؟) قال: لِي شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، قال: (فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟) قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قال: (فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ) رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود)، وشعيب الأرنؤوط في تحقيقه على (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان).
- المعنى:
الحكيم على وزن فعيل، فهو صيغة مبالغة، وله معنيان:
المعنى الأول: إحكام الشيء وإتقانه ووضعه في مواضعه.
قال الحَليمي في معنى الحكيم: "الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب، وإنما ينبغي أن يوصف بذلك لأن أفعاله سديدة، وصنعه متقن، ولا يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم". (الأسماء والصفات البيهقي)
وقال ابن كثير: "الحَكِيمُ فِي أفعاله وأقواله فيضع الأشياء فِي مَحَالِّهَا بحكمته وعدله". (تفسير ابن كثير)
ومن حكمته أنه أحكم آيات القرآن الكريم، كما قال تعالى: ﴿ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ يس: ١، ٢، أي: المحكَم في نَظْمِه وأسلوبه وعقائده وأحكامه، فليس فيه تعارض ولا تناقض ولا نقص ولا عيب، لأنه منزل من الحكيم العليم.
المعنى الثاني للحكيم: بمعنى الحَكَم والحاكم بين عباده، الذي يقضي ويفصل بينهم بالحق، وبهذا المعنى يكون الحكيم مرادف للحَكَم.
قال تعالى: ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ﴾ الأنعام: ١١٤، أي: أفغير الله أطلب قاضياً بيني وبينكم، فالله وحده المستحق لأن يكون حاكِماً، لأنه خير الحاكِمين، وأحكم الحاكِمين، وأعدل العادلين.
فالذي يظهر أن اسم الحكيم يشمل المعنيين الأول والثاني، واسم الحَكَم ظاهر في المعنى الثاني كما دلّ على ذلك حديث هانئ بن يزيد رضي الله عنه السابق.
- مقتضى اسمي الله الحكيم الحكم وأثرهما:
ينبغي للمسلم إذا عرف ربه باسميه الحكيم والحَكَم أن يوقن بأن كل ما في الكون على وفْق حكمته سبحانه وتعالى، وأنه ما من شيء إلا وقد أحكمه الله وأتقن صنعه، وأنه لم يخلق الكون عبثاً، فلا تخلو أفعاله من حِكْمة، سواء ظهرت للإنسان أم خفيت.
كما يقتضي هذان الاسمان وجوب التحاكم إلى الله تعالى، لأن حُكْمَه هو الحق والعدل، قال تعالى: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ الشورى: ١٠، وقد حذّر الله تعالى من ترك التحاكم بما أنزل الله، فقال: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ المائدة: ٤٤، وقال: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ المائدة: ٤٥، وقال: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ المائدة: ٤٧.
==============
لا أحد أحفظُ للمعروف من الله
أدهم شرقاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
كان مجلسه دوماً مدرسةً للدين والدنيا معاً، يكفي أن تقرأ سيرته بعقلك لتفهم، وأن تقرأ بقلبك لتتهذَّبَ وتلين! وإلى مجلسه جاء الأقرع بن حابس، وفي المجلس الحسن بن علي، طفلٌ صغيرٌ يلعب، فأخذه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقبَّله…
فقال له الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلتُ أحداً منهم قط!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من لا يَرحم لا يُرحم!
وجاءه أعرابي، والحسن بين يديه طفلا صغيرا يلعب، فأخذه وقبَّله، فقال الأعرابي: تُقبِّلون الصبيان؟ أما نحن فما نُقبِّلهم!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أَوَأملكُ لكَ أنْ نزعَ اللهُ من قلبك الرَّحمة!
من لا يَرحَمُ لا يُرحم!
إنَّ من عدل الله سبحانه أنه جعل الجزاء من جنس العمل! جزاء الخير خيرٌ مثله، وجزاء الشر شر مثله!
ما غرقَ فرعونُ إلا لأنه كان يقول «أليسَ لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي»! فأجرى الله تعالى ماء البحر من فوقه!
وإخوة يوسف عليه السلام الذين ألقوه بأيديهم في الجب، مدُّوا أيديهم بعد ذلك يستعطونه لمّا صار عزيز مصر!
وإن الشهيد لا يُفتن في قبره لأنه تكفيه بارقة السيوف فتنة!
وإنَّ أول المخلوقات يُكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ذلك لما أكلتْ النار التي ألقاه فيها قومه من ثيابه!
هذه الدنيا تدور، وكل ساقٍ سيُسقى من الكأس التي سقى منها غيره، إن خيراً فخير، وإن شراً فشرّ!
كل صدقة تضعها في يد فقير هي حفظ لك أن تقف ذات يوم تمدُّ يدك وتطلب الصدقة من أحد!
كل مريضٍ أنفقتَ في علاجه هو حصانة أن يُصيبك ذلك المرض!
كل دمعةٍ مسحتها بيدك هي يد تخبئها للزمن إن جرتْ يوماً دمعتك!
كل يد مساعدة أقمتَ فيها متعثراً هي يد تخبئها للغد، إن تعثرتَ وجدتَ من يُقيمك!
كل مظلوم أعنته هو جندي تُخبئه للغد يُعينك إن ظُلمتَ يوماً!
كل كلمة طيبة قلتها في غياب أحد هي كلمة طيبة سيقولها أحد عنك في غيابك!
كل عرضٍ دافعتَ عنه كأنه عرضك هو عرضك الذي تحميه في المستقبل إن أراد أحد أن ينال منه!
حتى الدعاء للميت هو دعاء لكَ تخبئه حين تموت، فكلما رفعتَ يدك تدعو لميت سيجعل الله من يرفع يديه ليدعو لك وأنتَ ميت!
لا أحد أحفظُ للمعروف من الله، أما رأيتَ كيف أرسلَ نبياً وولياً صالحاً ليُقيما جدار غلامين يتيمين لأن أباهما كان صالحا؟!
بقلم: أدهم شرقاوي
=========
الرحمة كلمة صغيرة ولكن …❣️
بسم الله الرحمن الرحيم
💝 (إن الرَّحْمَة كلمة صغيرة.. ولكن بين لفظها ومعناها من الفرق مثل ما بين الشمس في منظرها، والشمس في حقيقتها.
❤️لو تراحم النَّاس لما كان بينهم جائع، ولا مغبون، ولا مهضوم، ولأقفرت الجفون من المدامع، ولاطمأنت الجنوب في المضاجع،ولمحت الرَّحْمَة الشقاء من المجتمع، كما يمحو لسان الصبح مداد الظلام.
💔أيُّها الإنسان ارحم الأرملة التي مات عنها زوجها، ولم يترك لها غير صبية صغار، ودموع غزار، ارحمها قبل أن ينال اليأسمنها، ويعبث الهم بقلبها، فتؤثر الموت على الحياة.
💓ارحم الزوجة أم ولدك، وقعيدة بيتك، ومرآة نفسك، وخادمة فراشك؛ لأنَّها ضعيف؛ ولأنَّ الله قد وكل أمرها إليك، وما كان لكأن تكذب ثقته بك.
💖ارحم ولدك وأحسن القيام على جسمه، ونفسه، فإنَّك إلا تفعل قتلته أو أشقيته فكنت أظلم الظالمين.
❤️ارحم الجاهل، لا تتحين فرصة عجزه عن الانتصاف لنفسه، فتجمع عليه بين الجهل والظلم، ولا تتخذ عقله متجرًا تربح فيه،ليكون من الخاسرين.
💞ارحم الحيوان؛ لأنَّه يحس كما تحس، ويتألم كما تتألم، ويبكي بغير دموع ويتوجع.
❤️‍🩹ارحم الطير لا تحبسها في أقفاصها، ودعها تهيم في فضائها حيث تشاء، وتقع حيث يطيب لها التغريد والتنقير، إنَّ اللهوهبها فضاء لا نهاية له، فلا تغتصبها حقها، فتضعها في محبس لا يسع مد جناحها، أطلق سبيلها وأطلق سمعك وبصركوراءها، لتسمع تغريدها فوق الأشجار، وفي الغابات، وعلى شواطئ الأنهار، وترى منظرها وهي طائرة في جو السماء، فيخيَّلإليك أنَّها أجمل من منظر الفلك الدائر، والكوكب السيَّار.
💟 أيها السعداء أحسنوا إلى البائسين والفقراء، وامسحوا دموع الأشقياء، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
📚((مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي الكاملة)) (ص 88).📚
=========
فوائد لبعض الأحاديث ( المجموعة الأولى)
أحمد خالد العتيبي
@Ahmadarts9
بسم الله الرحمن الرحيم
الفوائد من حديث أثر الصحبة
عن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ) " . رواه البخاري (6169)، ومسلم (2640).
ـ الفوائد من حديث أثر الصحبة:
1ـ إذا علمت أنك إذا أحببت امراءاً كنت رفيقه في الآخرة، فاختر لنفسك من تحب أن تفوز برفقته، قال أنس رضي الله عنه: أُحبُ الله ورسولهُ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم.
2ـ حرص الصحابة على الأسئلة النافعة التي تفيد المرء في دينه ودنياه.
3ـ أن المرء مع من أحب، فمن أحب أهل الخير والصلاح فهو معهم في الدنيا والآخرة، ومن أحب أهل الفجور والفساد فهو معهم في الدنيا والآخرة.
4ـ للجليس أثر على من يجالسه في شخصيته وسلوكه وأعماله، وإذا أردت أن تعرف شخصاً فاسأل عن جلسائه تعرف من يكون.
5ـ من صفات الجليس الصالح: الصدق، والأمانة، وحسن المعاملة، وبر الوالدين، وطاعة الله، وحسن الخلق، وغيرها.
6ـ من صفات جليس السوء: الكذب، بعيد عن الله، عاق لوالديه، الشتم، اللعن، الغيبة، التكبر، فعل المحرمات، وغيرها.
الفوائد من حديث أذكار الصباح والمساء
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ) مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ(. أخرجه الترمذي (3388)
ـ الفوائد من حديث أذكار الصباح والمساء:
1ـ الأسباب التي تحميك من الشر والأذى نوعان:
أـ أسباب مادية: مثل أخذ الدواء عند المرض، والاحتراز من البرد بلبس الثياب الشتوية، ورابط الحزام عند قيادة السيارة.
ب ـ أسباب شرعية: مثل قراءة القرآن، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء.
2ـ ينبغي عليك أن تهتم بالأسباب الشرعية والأسباب المادية المشروعة ولا تهمل شيئاً منها.
3ـ من الذكر المقيد أذكار الصباح والمساء، ومنها ماورد في الحديثين السابقين، ومنها: آية الكرسي والمعوذات.
4ـ إذا نسيت أن تقول أذكار الصباح والمساء في وقتها المخصص لها، فقُلها في الوقت الذي تذكرها فيه.
الفوائد من حديث التوبة والاستغفار
عن الأغرّ المُزنيَّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ) رواه مسلم (2702) .
ـ الفوائد من حديث التوبة والاستغفار:
1ـ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من التوبة والاستغفار، استجابة لأمر الله تعالى، كما في قوله تعالى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا). (سورة النصر: آية:3). مع أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
2ـ حاجتك للتوبة والاستغفار كحاجتك للطعام والشراب والهواء، فالذنب لا يسلم منه أحد، كما لا يسلم من التقصير في طاعة الله وشكر نعمته.
3ـ التوبة الصحيحة هي ما تحققت شروطها، وهي: الندم، العزم على عدم العودة، الإقلاع عن الذنب.
4ـ أن تكون التوبة في وقت قبولها، فهناك أوقات لا تقبل فيها التوبة، كالتوبة عند خروج بعض علامات الساعة الكبرى، أو التوبة عند غرغرة الروح حين معاينة الموت.
5ـ إن كان الذنب في حق آدمي فإنه يضاف شرطٌ رابعٌ وهو التحلل منه.
6ـ الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في أحوالنا كلها، لذا يشرع الإكثار من قول: (أستغفر الله وأتوب إليه) في اليوم والليلة.
7ـ ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب (الوبلُ الصيّبُ) أكثر من سبعين فائدة للذكر، منها: أنه يطرد الشيطان، ويرضي الله عز وجل، ويزيل الهمَّ والغمَّ عن القلب، ويجلب للقلب الفرح والسرور، ويقوي القلب والبدن.
8ـ أفضل الاستغفار الدعاءُ بسيد الاستغفار كما جاء عن شَدَّاد بْن أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ). رواه البخاري (6306)
الفوائد من حديث الذكر بعد الصلاة
1ـ عن ثوبان رضي الله عنه، قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَقَالَ: اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ). أخرجة مسلم (591)
2ـ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: " أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (إِنِّي لَأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ، فَقُلْتُ: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(فَلَا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ). أخرجة البخاري (690)
ـ الفوائد من حديث الذكر بعد الصلاة:
1ـ الذكر لا ينقطع عنه المؤمن بعد أداء العبادة، بل يستمر قلبه ولسانه في ذكر الله تعالى، فالصلاة وهي من أفضل العبادات إذا انتهى منها المؤمن فإنه يذكر الله تعالى.
2ـ يُسن لك بعد السلام من الصلاة، أن تقول أذكاراً منها: آية الكرسي والمعوذات.
3ـ الاستغفارُ بعد الصلاة مباشرةً تذكيرٌ للمرء ألا يغتر بعمله الصالح، وأنه يحتاج إلى مغفرة لإكمال نقصه وخلله.
4ـ اشتمال الذكر على أسماء الله الحسنى كـالسلام فيه تعظيمٌ لله وثناءٌ عليه بأسمائه الحسنى وهو من أفضل الذكر.
5ـ حسنُ العبادة هو الإخلاصُ لله فيها، واستكمالُ شروطها وأركانها وواجباتها وسننها، ومن الأمثلة إحسان العبادة: من إحسان الصلاة التزامُ الذّكر بعدها، ومن إحسان الذكر حضور القلب.
6ـ ومن الأمثلة على عدم إحسان العبادة: من عدم الإحسان في الصدقة: إتباعها بالمنَّ والأذى، ومن عدم إحسان الصلاة العجلة وترك الطمأنينة.
7ـ أنت بحاجة إلى عون ربك في جميع أمورك، فاحرص على الاستعانة بالله، ولا تعتمد على قوتك واجتهادك وذكائك، فالأمر كله بيد الله، فقد كان النبيُ صلى الله عليه وسلم يكثر من طلب العون من الله.
8ـ يُستحبُ للمؤمن إذا أحبّ أخاه في الله أن يخبره بذلك، بيقول: إني أحبك في الله، ومن السُنة أن يرد الآخر بــ: أحبك الله الذي أحببتني من أجله.
9ـ من علامات محبتك لأخيك المسلم أن تدله على ما يقربه إلى الله وتوصيه به، كما أوصى النبيُ صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه بهذا الدعاء الجامع للخير.
10ـ الذكر والشكر من العبادات الداخلة في قوله: (وحسن عبادتك) وإنما خصها بالذكر هنا وقدمها لأهميتها.
الفوائد من حديث حسن الخلق
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَةِ مَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَةِ مَسَاوِيكُمْ أَخْلَاقًا، الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ). أخرجه أحمد (17732).
ـ الفوائد من حديث حسن الخلق:
1ـ من الأخلاق الحسنة: طيب الكلام، واللين والرفق مع الناس، والابتسامة والبشاشة في وجوههم، والتواضع لهم.
2ـ من الأخلاق السيئة: سوء الكلام، وكثرته من غير حاجة، والغلظة والشدة مع الناس، وتعبيس الوجه لهم، وكل ذلك مما يُعد ُّ من ثمرات سوء الخلق التي تُورث بغض الناس في الدنيا، والبُعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة.
3ـ الثرثرةُ منهيٌ عنها، سواءً أكانت كلاماً مباشراً أم عبر الوسائل المختلفة، مثل: الهاتف، وبرامج التواصل الاجتماعي، والشبكة العنكبوتية، وغير ذلك.
4ـ التحلي بالخلق الحسن عبادةٌ تقربك إلى الله، وتجعلك من أقرب الناس مجلساً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وتكون بمنزلة من يقوم الليل تطوعاً بالصلاة، ومن يصوم النهار تطوعاً.
5ـ من ثمرات حسن الخلق في الدنيا: يجعل لك محبةً وقبولاً عند الله، ويدعون لك.
6ـ احرص على أن تتخلق بالأخلاق الحسنة، وأن تصاحب ذوي الأخلاق الحسنة، واحذر من الأخلاق السيئة، ومصاحبة ذوي الأخلاق السيئة.
7ـ التأكيد على أهمية حُسن الخُلق قال ابن مبارك رحمه الله في تفسيره: هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى.
الفوائد من حديث شكر الله تعالى
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : (قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ : ( أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ). رواه البخاري (4836) ومسلم ) 2819(.
ـ الفوائد من حديث شكر الله تعالى:
1ـ تأمل في جسمك بعض نعم الله تعالى عليك: السمع، والبصر، وسلامة العقل، والحركة، وغيرها.
2ـ تأمل فيما حولك بعض نعم الله تعالى عليك: الأمن، والرزق، والدين، والصحة، والوالدين، وغيرها.
3ـ إن شكر الله تعالى على هذه النعم يزيدها ويُبقيها، وعدم شكرها يزيلها ويُفنيها، يدل لذلك قوله تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
4ـ حقيقةُ شكر الله تعالى على نعمه تقتضي:
أـ أن تعترف بقلبك أن كل النعم من الله تعالى.
ب ـ أن تشكر الله تعالى بلسانك على هذه النعم.
ج ـ أن تستخدم هذه النعم فيما يُرضي الله تعالى ويحبه.
5ـ أن قدوتَنا صلى الله عليه وسلم أفضلُ الشاكرين، فلما أنعم الله تعالى عليه بمغفرة ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر، شكر الله تعالى على ذلك واجتهد في طاعة الله، وقام الليل حتى تورمت قدماه من كثرة قيامه وتهجده لله.
6ـ شكر الله تعالى على نعمه يكون بالاجتهاد في طاعته وعبادته، فلا تستخدم هذه النعم فيما يغضب الله.
7ـ من عدم شكر الله تعالى على النعم استعمالها فيما حرَّمه الله تعالى، أو عدمُ الثناء عليه بها أو ذمها.
8ـ من الآداب المستحبة إذا قدَّم لك أحدٌ طعاماً تشتهيه: أن تأكل منه ما يكفيك وان تُظهر السرور والفرح وأن تُثني خيراً من صنعه وجهزه لك.
الفوائد من حديث فصل التسبيح والتحميد
عن أَبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم ): الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ - أَوْ تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض). رواه مسلم (223)
ـ الفوائد من حديث فصل التسبيح والتحميد:
1ـ الله تعالى كريم عظيم، يجازي على العمل اليسير الأجر الكبير.
2ـ الطهور شطر الإيمان: أي: الوضوء والتطهُر يعد نصف الصلاة، فالإيمان هنا بمعنى: الصلاة، وهذا فيه حثّ وتأكيدٌ على العناية بالوضوء.
3ـ الحمد لله (تملأ الميزانَ)، وسبحان الله والحمد لله (تملآن ما بين السماء والأرض)، لأنها جمعت الكمال التامّ لله، فالحمد لله: ثناءٌ على الله، والله يحب المدح والثناء، و(سبحان الله): تعظيم زتنزيهٌ وتقديسٌ لله عن كل نقص وعيب.
4ـ وردت أحاديثُ كثيرةٌ فيها التسبيح والتحميد منها قوله صلى الله عليه وسلم: (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ) أخرجه البخاري (6406) ومسلم (2694)
5ـ وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) رواه البخاري (6405)
6ـ أخي الكريم: بعد أن علمت هذا الأجر العظيم للذكر ـ احرص على استغلال وقتك بكثرة ذكر الله في كل حال.
الفوائد من حديث فضل الدعوة إلى الله
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ)، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ) رواه الترمذي (2685) وصححه الألباني
ـ الفوائد من حديث فضل الدعوة إلى الله:
1ـ من أساليب الدعوة إلى الله الترغيب وضرب الأمثال.
2ـ عِظم شرف العلماء وطلاب العلم والدعاء لهم.
3ـ الحث على توقير العلماء وطلاب العلم.
4ـ الحث على تعليم الناس الخير، لأنه سبب نجاتهم وسعادتهم.
5ـ العلماء الدعاة يقومون بوظيفة الأنبياء، وهي الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس الخير، فهم ورثة الأنبياء.
6ـ طلب العلم الزائد عن الواجب أفضل من العبادات النافلة.
الفوائد من حديث كفارة الذنوب
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلاَّ كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ). رواه البخاري (5640)
ـ الفوائد من حديث كفارة الذنوب:
1ـ ما من مصيبة تصيب المسلم فيصبر ويحتسبها عند الله تعالى، إلا كانت خيراً له، وأُجر عليها.
2ـ إذا وقعت المصيبة فيجب علينا: الصبر والاحتساب.
‏ 3ـ مما يعينك على الصبر: أن تعرف ثواب الصبر على المصيبة، وأنها أهون من غيرها.
4ـ من محبة الله لعبده المؤمن أن يبتليه بالمصيبة وذلك للمصالح الآتية:
أـ أن يكفر بها من ذنوبه ومعاصيه.
ب ـ أن يرفع بها درجته لمنزلة لم يكن يصل إليها بعمله.
ج ـ أن يتعبد الله بالصبر ويُظهر افتقاره وحاجته إليه.
5ـ من الأدعية التي يقولها المسلم عند المصيبة: الحمد لله، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها.
6ـ للصبر فوائد عظيمةٌ في الدنيا والآخرة، منها: رفعة الدرجات، محبة الله له، الجنة لمن صبر على البلاء.
7ـ التسخط من المصائب ينافي الصبر على قضاء الله تعالى، ويُوقع صاحبه في الإثم.
الفوائد من حديث محو الخطايا
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ). رواه مسلم) 251)
ـ الفوائد من حديث محو الخطايا:
1ـ إن فضل الله واسعٌ وخيرهُ كثيرٌ وقد جعل لك من الأعمال اليسيرة ما يُكفر سيئاتك ويرفع درجاتك، ومنها ما يأتي:
أـ أن تحرص على إتمام وضوئك وإكماله، مثل: غسل العضو ثلاثَ مرات، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم، وتخليل ما بين الأصابع جيداً، وبخاصة عند وجود مشقة في ذلك مثل شدّة البرد.
ب ـ أن تداوم على أداء الصلاة جماعة في المسجد، وأن لا تسرع في مشيك إلى المسجد.
ج ـ أن تحرص على الصلاة وانتظارها، فتكبر للصلاة بعد سماعك الأذان، وتجلس في المسجد بعد انتهاء الصلاة المفروضة منتظراً الصلاة التي تليها، وتقرأ القرآن وتذكر الله وتستمع الذكر.
2ـ الذي لا يحسن وضوءه ولا يُطبق السنة، أو يتأخر عن ذهابه للصلاة، أو يستعجل في الخروج من المسجد بعد انتهاء الصلاة مباشرة يُفرط في خير كثير وأجر عظيم.
3ـ المواظبة على الصلاة والمُكث في المسجد لانتظار الصلاة التي تليها كالمرابطة في سبيل الله.
4ـ رحمةُ الله بعبادة حيث رتب الأجر العظيم على العمل القليل.
============
فوائد لبعض الأحاديث ( المجموعة الثانية)
أحمد خالد العتيبي
@Ahmadarts9
بسم الله الرحمن الرحيم
الفوائد من حديث أعمال القلوب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُم ْ). رواه مسلم (2564)
ـ الفوائد من حديث أعمال القلوب:
1ـ خلقك الله وجعل لك أعمالاً وعبادات متنوعة تقوم بها، منها: أعمال الجوارح، كالصلاة والزكاة والحج والصيام والصدقة والعمرة وذكر الله وغض البصر وهي مهمة، وتُعد أثراً لأعمال القلب.
2ـ من أعمال القلب، الإخلاص لله والمحبة له، والتوكل عليه، والرجاء والخوف والتوبة والتقوى والايمان به، وهي أهمّ، وتُعد أساساً لعمل الجوارح.
3ـ الله تعالى يفاضل بين الناس يوم القيامة على حسب ما في قلوبهم من تقوى وخوف منه، وليس على حسب وجوههم أو أجسامهم أو أموالهم أو غير ذلك.
4ـ العاقل لا يعتني بمظهره وشكله ولباسه فقط، بل لا بد أن يكون معتنياً كذلك بقلبه حتى يكون قلباً سليماً.
5ـ القلب السليم هو القلب الذي ينجو صاحبة يوم القيامة.
6ـ كيف تعتني بقلبك حتى يكون قلباً سليماً؟
أـ يكون قلبك سليماً إذا امتلأ القلب بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتعظيم أوامر الدين والعمل بها.
ب ـ ويكون سليماً إذا نُقي من الأمراض المفسدة والمهلكة له كالحسد والكبر والغرور وسوء الظن.
الفوائد من حديث بر الوالدين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ) قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ) .رواه مسلم (2551)
ـ الفوائد من حديث بر الوالدين:
1ـ إن حق الوالدين عليك عظيم، وفضلهما عليك كبير، فحقهما أعظم حق بعد حق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفضلهما عليك أعظم فضل بعد فضل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
2ـ من فضل الوالدين عليك أن ربياك صغيراً، وينصحونك، وينفقون عليك، ويقومون بتلبية حاجتك، وسعى في تدريسك.
3ـ من حق الوالدين عليك الطاعة في المعروف، وخفض الجناح، وعدم رفع الصوت عليهما، وقضاء حوائجهما، ولين القول معهما.
4ـ إذا كبر الوالدان، وضعف منهما الجهد، ورقّ منهما العظم، واحتاجا العون، فسيجنون ثمرة زرعهما، وزهرة عيشهما في ملازمتك لقدميهما، وقيامك على خدمتهما، وأنت تردد ربَّ ارحمهما كما ربياني صغيراً.
5ـ البر بالوالدين من أيسر أسباب دخول الجنة، فالولد أوسط أبواب الجنة [أخرجه الترمذي:1900].
6ـ من فرط في حق والديه، فلم يقم ببرّهما، لحقه الذُلُّ والصَّغار في الدنيا والآخرة.
7ـ من صور التفريط في حق الوالدين: الانشغال بالسفر والتنزه مع وجود حاجتهما، ورفع الصوت عليهما، والتأفف منهما.
8ـ من عقوق الوالدين التفريط في حقهما وترك بِرهما وإيصال الأذى إليهما سواءً كان حسيّاً أو معنوياً.
==============
فوائد لبعض السور القرآنية القصيرة
أحمد خالد العتيبي
@Ahmadarts9
بسم الله الرحمن الرحيم
الفوائد من سورة الزلزلة
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
ـ الفوائد من سورة الزلزلة:
1ـ إن لكل بداية نهاية، وقد خلق الله الأرض والسماوات وستنتهي لغاية.
2ـ يوم القيامة يوم شديد الأهوال، تحصل فيه أمور عظيمة.
3ـ الأرض من مخلوقات الله المطيعة له، فهي لا تعصيه، ولا تعمل شيئاً إلا بعد أن يأذن الله لها.
4ـ إن من عدل الله أنه يجازي الإنسان على كل ما يفعله مهما قلّ وصُغرَ.
5ـ على المسلم أن يفعل الخير ولا يحقر المعروف ولو كان صغيراً، ولا يعمل الشر ولو كان قليلاً.
الفوائد من سورة العاديات
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
ـ الفوائد من سورة العاديات:
1ـ من طبيعة الإنسان نسيانه لنعم الله تعالى عليه، لا سيما عندما يصاب بمصيبة، لذلك قال تعالى: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
2ـ من طبع الإنسان حبه الشديد للمال، ولذلك ينبغي للمسلم أن يكون حبه لله تعالى ولطاعته أشد، حتى لا يحمله حبه الشديد للمال على عدم أداء حق الله فيه كالزكاة.
3ـ الله سبحانه وتعالى مطلع على عباده، وشاهد على ما تكنه صدورهم من حب المال وغيره، فلا تخفى عليه خافية.
4ـ التذكير ببعث الناس من قبورهم للحساب والجزاء، مما يبعث على شكر الله تعالى، وطاعته واتباع شرعه.
5ـ مردُّ الناس إلى ربهم، وهو الخبير بأعمالهم، وسيجازيهم عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
الفوائد من سورتي الاخلاص والمسد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) (4)
ـ الفوائد من سورة الإخلاص:
1ـ الله تعالى واحد في ربوبيته فلا ند له، وواحد في أسمائه وصفاته، فلا شبيه له.
2ـ الله تعالى غني عن خلقه، وجميع الخلق مفتقر إليه سبحانه، إذا هو المقصود في قضاء الحوائج.
3ـ الله تعالى منزه عن اتخاذ الزوجه، ومنزه عن أن أيكون له ولد أو والد، لكماله وغناه.
4ـ إثبات أسماء الله تعالى وصفاته الواردة في كتاب الله وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
ـ الفوائد من سورة المسد:
1ـ من لطائف القرآن أنه ذكر كنية أبي لهب، ولم يذكر اسمه (عبد العزى)، لأنه اسم مخالف لشرع الله.
2ـ من دلائل صدق القرآن أنه أخبر عن أبي لهب وزوجته أم جميل أنهما سيموتان على الكفر، فماتا ولم يؤمنا.
3ـ قرابة المرء من الأخيار لا تنفعه عند الله، إذا لم يكن مؤمناً، كما أن القرابة لا تنفع الإنسان عند الله فكذلك المال والأولاد.
4ـ الجزاء من جنس العمل، فلما كانت أم جميل تحمل الحطب الذي فيه شوك وتلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم جعلها الله ـ مقابل ذلك ـ تحمل في عنقها حبلاً من ليف في النار يوم القيامة.
5ـ لما كان الجيد من أشرف مواطن المرأة حيث تضع عليه القلادة للزينة، أهان الله امرأة أبي لهب في الآخرة بأن جعل في جيدها ذلك الحبل من الليف الخشن تُعذب به في النار.
ـ لسورة الإخلاص فضل عظيم، حيث خصها الله بخصائص منها:
1ـ أنه تشرع القراءة بها مع سورة الكافرون في ركعتي الطواف، وفي الركعتين قبل الفجر، وفي الركعتين بعد المغرب.
2ـ أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ (قل هو الله أحد) يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالُّها ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده إنها تعدل ثلث القرآن). أخرجه البخاري (5013)
الفوائد من سورتي التكاثر والقارعة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) (8)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)
ـ الفوائد من سورتي التكاثر والقارعة:
1ـ ما من إنسان إلا سيرى النار بعينه، وذلك يوم القيامة.
2ـ كل نعيم أنعم الله به على عباده من أكل وشرب وصحة أمن ومال وغيرها، فسيسألهم عنها ماذا عملوا بها.
3ـ أن لكل بداية نهاية، وقد خلق الله الأرض والسماوات وستنتهي لغاية.
4ـ على المسلم أن يفعل الخير ولا يحقر المعروف ولو كان صغيراً، ولا يعمل الشر ولو كان قليلاً لأن الله سيحاسبه.
5ـ يرد الاستفهام في القرآن لعدة أغراض منها التفخيم والتهويل كما في قوله تعالى: (الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3). حيث يستنتج القارئ عظمة القيامة وشدة أهواله بهذه الطريقة من الاستفهام.
6ـ في ذكر حال الجبال تنبيه على مرحلة من المراحل التي تمرُ بها، وهي أنها إذا دُكت تطايرت قطعها الصغيرة، كما يتطاير الصوف حال نفشه فتتفرق أجزاؤاه.
الفوائد من سورتي الكوثر والماعون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)
ـ الفوائد من سورتي الكوثر والماعون:
1ـ من نعم الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إعطاؤه نهراً عظيماً في الجنة، وهو نهر الكوثر، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً.
2ـ يجب على كل مسلم أن يخلص جميع أنواع العبادة (كالصلاة والذبح) لله تعالى، فلا يصلي إلا لله، ولا يذبح إلا لله، ولا يدعو أحداً غير الله.
3ـ الذكر الحقيقي للإنسان ليس في كثرة الولد والمال، وإنما فيما يقدمه من عمل صالح له أثر في حياة الناس.
4ـ أن الله يحب من يرحم اليتيم ويعطف عليه، ويكرم المسكين فيعطيه من رزق الله.
5ـ من تهاون بالصلاة فلم يصليها في وقتها، أو ترك بعضها فإن الله يعاقبه على تهاونه.
6ـ الصلاة ركن من أركان الإسلام، أمر الله تعالى بالمحافظة عليها، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته.
7ـ أن الله لا يقبل العمل الذي يرائي فيه العبدُ الناسَ.
8ـ من إكرام الناس حسن معاملتهم بإعارتهم ما يحتاجون من منافع الدنيا، التي لا تضر إعارتها، كأدوات الطبخ وغيرها.
الفوائد من سورتي الناس والفلق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
ـ الفوائد من سورتي الفلق والناس:
1ـ رحمة الله تعالى بعباده، حيث أرشدهم إلى ما يقيهم من الشرور، ويرفعها عنهم بعد نزولها، ومن ذلك التعوذ بهاتين السورتين العظيمتين.
2ـ يشرع للمسلم أن يعوذ نفسه بهاتين السورتين، خاصةً إذا أصابه سحر أو عين أو مرض.
3ـ عناية الله تعالى بعباده، حيث نبههم إلى أخطر الشرور التي تواجههم في حياتهم للتحرز منها والاستعاذة به من شرها، وهي شر الليل، وشر السحرة، وشر الحساد.
4ـ يجب على المسلم إذا أُصيب بسحر أو عين أن يسلك الطرق المشروعة لعلاجها، وأن يزور الطبيب لعلاج أثر ذلك، وأن يجتنب الطرق المحرمة كالذهاب إلى السحرة ونحوهم.
5ـ ينبغي للمسلم إذا رأى أخاه المسلم في نعمه أن يفرح بذلك، وأن يتمنى دوام النعمة عليه.
6ـ كما أن من الجن شياطين فإن من الإنس شياطين، لذا أرشد الله تعالى إلى الاستعاذة من شرها.
7ـ من صفات الشيطان (سواءً أكان إنسياً أم جنياً) أنه وسواس خناس، فإذا غفل العبد عن ذكر الله تعالى واسترسل مع الشيطان في أفكاره، وسوس له بالشر ومعصية الله، وإذا ذكر العبد ربه بقلبه ولسانه انخنس عنه شيطان الإنس والجن وانصرف عنه.
8ـ السحر محرم وهو كبيرة من الكبائر، وداء خطير على القلوب والأبدان.
ـ لسورتي الفلق والناس فضل عظيم، حيث خصها الله تعالى بخصائص، منها:
1ـ مشروعية القراءة بهما بعد كل صلاة مرة واحدة.
2ـ مشروعية قراءتهما ثلاث مرات كل صباح ومساء.
3ـ مشروعية قراءتهما عند النوم ثلاث مرات مع النفث في اليدين والمسح بهما ما استطاع من جسده.
4ـ عظم فضل سورتي الناس والفلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر رضي الله عنه: (ألم تر آيات أُنزلت هذه الليلة لم يُرَ مثلهن قط (قل أعوذ برب الفلق)،(قل أعوذ برب الناس). أخرجه مسلم (814)
الفوائد من سورتي النصر والكافرون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
ـ الفوائد من سورتي النصر والكافرون:
1ـ يجب على المسلم أن يتذكر نعم الله تعالى عليه، وأن يشكره سبحانه عليها قولاً وعملاً.
2ـ من عبد مع الله غيره فعبادته مردودة عليه، لا يقبلها الله تعالى منه.
3ـ الله تعالى واحد في ألوهيته فلا شريك له، فلا يجوز صرف شيء من أنواع العبادة لغيره.
4ـ يستحب للمسلم أن يكثر من قول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يفعل ذلك كثيراً.
ـ في سورة النصر بيان أن الإسلام سينتشر، ويدخل أفواج من الناس في الإسلام بعد أن يفتح الله تعالى على نبيه مكة، وهذا ما حدث مما يشهد بصدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول رب العالمين
6ـ لما فتحت مكة أزيلت الأصنام، وارتفع الأذان فوق الكعبة، وعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة، ودخلت أعداد كبيرة منهم الإسلام.
7ـ في سورة الكافرون بيان أن الله سبحانه واحد في ألوهيته فلا معبود بحق غير سبحانه.
8ـ وجوب البراءة من الشرك، واعتقاد بطلان ما عليه المشركون من عبادة غير الله تعالى.
الفوائد من سورتي الهمزة والعصر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
ـ الفوائد من سورتي الهمزة والعصر:
1ـ أن الله لا يحب من يغتاب الناس ويعيبهم ويطعن فيهم، لذا توعده وهدده بالعقوبة.
2ـ الحذر مما يكون سبباً لدخول النار (كالغيبة والطعن في الناس، وأكل المال بالباطل).
3ـ في الآيات إشارة إلى عظم آفات اللسان، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، حيث قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه:
(وهل يكبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم). أخرجة الترمذي (6162)
4ـ أن عدم الإيمان باليوم الآخر يدفع الإنسان لعمل المعاصي المهلكة التي توصله إلى النار.
5ـ يقسم الله بما شاء من عباده، وليس لعباده إلا أن يقسموا به، أو بأسمائه وصفاته.
6ـ الأصل في الإنسان أنه هالك خاسر إلا من رحمه الله، فهاداه للإيمان وعمل الصالحات والتواصي بالحق والصبر.
7ـ من صفات المؤمنين التواصي بالخير فيما بينهم.
8ـ لا يكفي الإيمان بالقلب للنجاة من الهلاك، بل لا بد معه من العمل الصالح والصبر عليه.
9ـ المال سلاح ذو حدين فهو لأهل الإيمان والإسلام عند حسن القصد به نعمة وفضل من الله تعالى يحمدون الله تعالى عليها، وهذه سيما أهل الخير الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية.
الفوائد من سورتي قريش والفيل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
ـ الفوائد من سورتي قريش والفيل:
1ـ أعظم النعم الدنيوية على الإنسان الأمن والرزق، لذلك ذكر الله تعالى بهما قريشاً ممتناً عليهم، داعياً إلى شكرها، وذلك بعبادته وحده لا شريك له.
2ـ من تمام شكر الله تعالى القيام بعبادته على الوجه الذي يرضاه سبحانه، وذلك سبب لدوام النعم.
3ـ بيان مكانة البيت الحرام وحماية الله تعالى له من كيد الكائدين.
4ـ شدة انتقام الله تعالى ممن ينتهك حرماته، ويتعدى حدوده.
5ـ الأمن معنى شامل في حياة الإنسان، فكما يحتاج الإنسان للأمن على حياته، فهو كذلك يحتاج إلى الأمن على عقيدته التي يؤمن بها، وعلى موارد حياته المادية.
6ـ مهما اشتد كيد أعداء دين الله وعظم مكرهم، فإن كيدهم ومكرهم يكون باطلاً، لا يصلون من خلاله إلى تحقيق مآربهم، كما حصل مع أبرهة عندما أراد هدم الكعبة.
7ـ في حادثة الفيل وإهلاك الله تعالى لأبرهة وجيشه إعداد وتهيئة لمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث وقعت هذه القصة في العام الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
8ـ لله تعالى جنود كثيرة لا يعلمها إلا هو سبحانه، ومن هذه الجنود تلك الطيور التي أرسلها الله تعالى على أبرهة وجيشه.
الفوائد من حديث حقوق الأخوة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) .رواه البخاري (12) ، ومسلم (39).
ـ الفوائد من حديث حقوق الأخوة
1ـ إطعامك للطعام علامة على الجود والكرم، وهو من الصفات التي تدل على العناية بالآخرين.
2ـ ترك الإطعام مع القدرة عليه علامة على البخل والشح وحب المال.
4ـ إطعام الطعام له صور عدة منها: بذل الطعام للفقراء والمساهمة في الجمعيات الخيرية وإعطاء الفقير مالاً.
5ـ مما يقوي المحبة وينشر المودة بين الناس إفشاء السلام.
6ـ لا يقتصر سلامك على أقربائك وأصدقائك ومعارفك، بل سلم على كل من تراه لتنال الأجر، وتنتشر المودة.
7ـ أشار الحديث إلى نوعي المكارم، لأنها إما مالية والإطعام إشارة إليها، وإما بدنية والسلام إشارة إليها.
8ـ من حسن الخلق رد التحية وإلقاؤها على المسلم وعلى غير المسلم لإبراز الوجه الحسن للمسلم والإسلام.
9ـ اهتم الإسلام بتقوية أواصر الأخوة بين المسلمين، ومن الأمور التي شرعها لأجل ذلك: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وصلة الأرحام.
الفوائد من حديث خطورة التهاجر
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: (يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ). أخرجه أحمد (158)
ـ الفوائد من حديث خطورة التهاجر:
1ـ صلة الرحم عبادة وليست مكافأة للآخرين، فلتكن صلتك لرحمك عملاً ترجو ثوابه من الله، ولا تنتظر أن يقابلك الآخرون بمثلها.
2ـ الإخلاصُ لله والرغبة فيما عنده يتجلى في حلات مثل: أن تصل من قطعك، وتعفو عند المقدرة عمن ظلمك، وتعطي من حرمك.
3ـ مقابلةُ القطيعة بمثلها تحرمك أجر الصلة وتزيد التقاطع.
4ـ مقابلةُ الإساءة بالإحسان علامة كرم النفس والرغبة في الخير.
5ـ لعظم خطورة التهاجر بين الأرحام هناك بعض الأسباب مع الحل المقترح لها:
أـ السبب الأول: حدوث مشاكل في الميراث، والحل المقترح: توزيع الميراث كما شرع الله تعالى.
ب ـ السبب الثاني: التعدي بالضرب أو السب، والحل المقترح: الردع والجزر لمن يفعل ذلك.
6ـ أحتسب الأجر في العفو عمن ظلمني ولا أبخلُ على من بخل عليّ.
7ـ أصلُ جميع أقاربي ولو وقع منهم تقصير في صلتي.
الفوائد من حديث ذا الوجهين
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تَجِدُ مِن شَرِّ النَّاسِ يَومَ القِيامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذا الوَجْهَيْنِ، الذي يَأْتي هَؤُلاءِ بوَجْهٍ، وهَؤُلاءِ بوَجْهٍ). رواه البخاري (6058)
ـ الفوائد من حديث ذا الوجهين:
1ـ عناية الشريعة بسد كل طريق يؤدي إلى القطعية.
2ـ الدين الإسلامي حريص على وجود المحبة والألفة بين المسلمين.
3ـ قد يستطيع الإنسان أن يخادع الناس لكن الله يراه ويعلم حاله، وسيحاسبه على ما يفعل.
4ـ فعل ذي الوجهين: يشتمل على مخالفات كثيرة منها: الكذب، والنميمة، والخيانة، والغدر.
5ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تحذير الأمة من كل ما يضرها.
6ـ وجوب التأكد من صحة الأخبار حتى لا تظلم الأخرين.
7ـ وصف ذو الوجهين بأنه شر الناس وليس المسلمين فقط ـ إشارة إلى أن هذا الفعل تأباه الفطرة السليمة.
8ـ استحباب الصلح بين المتخاصمين.
الفوائد من حديث ستر العورة
عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: )أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ بَلَى. قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ؛ فَادْعُ اللَّهَ لِي!! قَالَ) :إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ) فَقَالَتْ : أَصْبِرُ . فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا). رواه البخاري (5652) ، ومسلم (2576)
ـ الفوائد من حديث ستر العورة:
1ـ الاهتمام بستر العورة دليل على سلامة الفطرة وصدق الحياء، فلتسع إلى استكمال حيائك بعد كشف العورة والحرص على الالتزام باللباس الساتر.
2ـ من صفات المسلم الحرص على تجنب كل مايؤدي إلى انكشاف عورته، سواء في نوع اللباس أو طريقة لبسه أو في هيئة الجلوس أو غير ذلك.
3ـ من المواطن التي يتساهل فيها كثير من الناس بانكشاف العورات: السباحة، النساء في الأعراس، الملابس الكاشفة للعورة، وهذه ليست من المواطن التي يعذر فيها كشف العورة.
4ـ التساهل في ظهور العورة يدل على ضعف الحياء، ويؤدي إلى مفاسد كثيرة، منها: أنتشار الفواحش، فساد المجتمع، ظهور الفتن.
5ـ المرأة بطبيعتها أشد حياء من الرجل، ولذا أمرتها الشريعة بما يتوافق مع فطرتها من الستر، وأوصى بهن النبي صلى الله عليه وسلم خيراً وأعطاهن الكثير من الحقوق التي حُرمن منها قبل الإسلام.
الفوائد من حديث صفات المنافقين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) رواه البخاري (33) ، ومسلم (95).
ـ الفوائد من حديث صفات المنافقين:
1ـ من أقبح الصفات وأسوئها التي يجب على المسلم أن يتجنبها: صفات المنافقين، ومنها:
أـ الكذب في الحديث: فالمنافق يكذب في حديثه ويقول ما لم يقع، ويزيد في الكلام وينقص منه حسب هواه ومصلحته، ومن أمثلة الكذب: يقول فعلت كذا وهو لم يفعل، يتهم الشخص بالخطأ وهو يعلم أنه بريء منه.
ب ـ إخلاف الوعد: فالمنافق يخلف وعده وما التزم بأدائه، ويخدع من وثق به، إلا إذا كانت له مصلحة فإنه يحافظ على الوعد والعهد على قد مصلحته فقط، ومن أمثلة إخلاف الوعد: طالب في المدرسة يعد المعلم بحل الواجب ثم يخلف وعده.
ج ـ خيانة الأمانة: فلا يحفظها ولا يؤديها إلى أهلها بل يضيعها ويجحدها، ومن أمثلة ذلك: تضييع المال الذي اؤتمن عليه وافشاء السر من ائتمنك عليه.
2ـ هذه صفات للنفاق العلمي يجب الحذر منها والبعد عنها، لأن المسلم يكون فيه شبه بالمنافق على قدر ما فيه من هذه الصفات.
الفوائد من حديث صلة الرحم
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) .رواه البخاري (2067) ومسلم ) 2557(
ـ الفوائد من حديث صلة الرحم:
1ـ يوصيك نبيك محمد صلى الله عليه وسلم بتقوية علاقتك مع أقاربك، وزيادة محبتهم وألفتهم، والقيام بصلتهم الأقرب منهم فالأقرب.
2ـ لتحقيق صلة الرحم نقترح عليك:
أـ أن تسلك وسائل متعددة مع أقاربك، مثل: زيارتهم، والسؤال عنهم، والاتصال بهم، وإهدائهم، وتفقد أحوالهم، وإعانتهم، والعفو عنهم.
ب ـ أن تنبذ كل طريق تؤدي إلى التقاطع والتباغض معهم، سواء أكان: بالقول مثل: سبّهم ولعنهم، ورفع الصوت عليهم، أما بالفعل، مثل: التكبر عليهم وظلمهم، وغشهم.
3ـ ينبغي ألا تقابل قطيعتهم أو إساءتهم بالمثل، بل تصل من قطعك وتُحسن لمن أساء إليك.
4ـ احذر من قطيعة رحمك، فإن عقوبة قاطع الرحم معجّلة له في الدنيا مع ما ينتظره في الآخرة.
5ـ أظنك ستزيد عنايتك بأقاربك إذا علمت ما أعدّه الله من الأجر لواصل رحمه، وما توعدَّ به من العقوبة لقاطع رحمه، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي:
6ـ ما أعده الله من الأجر في الدنيا مثل: سعة الرزق وطول العمر، وفي الآخرة، مثل: دخول الجنة.
7ـ ما توعد الله به من العقوبة: في الدنيا مثل: ذهاب بركة المال والصحة، وفي الآخرة، مثل: عدم دخول الجنة.
الفوائد من حديث مفسدات الأخوة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظنَّ فإنَّ الظن أكذَبُ الحديثِ ولا تَحَسَّسُوا ولا تَجَسَّسُوا ولا تَنَاجَشُوا ولا تَحَاسَدُوا ولا تبَاغَضُوا ولا تَدابَرُوا وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا). رواه البخاري (6064)
ـ الفوائد من حديث مفسدات الأخوة:
1ـ الإسلام دين محبة وإخاء، ضرب أروع الأمثلة في التآخي والمودة، وأوجبها بين المسلمين، وجعل رابطة الدين أقوى الروابط.
2ـ حذر الإسلام من كل ما يخل بهذه الرابطة من الأعمال التي تسبب العداوة والبغضاء بين المسلمين، سواء أكانت بالقلب أم بالبدن أم باللسان.
3ـ من الأعمال القلبية المفسدة للأخوة: الاتهام بدون دليل وإنما لمجرد ظنون وشكوك، والحسد والبغضاء.
4ـ من الأعمال البدنية المفسدة للأخوة: التهاجر والقطيعة بترك التزاور والسلام والإعراض وترك إجابة الدعوة والاعتداء بالضرب أو القتل أو الجرح.
5ـ من الأقوال المفسدة للأخوة: الغيبة، السخرية، اللعن، النميمة، التحقير.
6ـ الشيطان حريص على إفساد الأخوة، فهذه المفاسد تتتابع: تبدأ بما يلقي الشيطان من الظن، ثم يتجسس ليحقق ظنه، ثم يدبر عن أخيه ثم يبغضه، ثم يقطع حبال الأخوة ويهجره.
7ـ على عباد الله أن يتقوا الله، ويبتعدوا عما يسبب الفرقة بينهم، ويهجروا الذنوب والمعاصي وما حرم الله، فهذه من أفصل صور الهجرة.
8ـ التحذير من الاعتداء بغير وجه حق.
الفوائد من حديث منزلة الجار
عن أَبي هريرة رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ أَن النَّبيَّ ﷺ قَالَ: (واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ). رواه البخاري (6016)
ـ الفوائد من حديث منزلة الجار:
1ـ منزلة الجار في الإسلام كبيرة، وحقه عظيم، وقد أمر الله بأداء حقه في كتابه، وأوصى بذلك النبي ﷺ في سنته.
2ـ وصى الله الجار في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ). [سورة النساء:36]
3ـ نفي كمال الإيمان عمن لا يأمن جاره شره حيث أقسم النبي ﷺ على ذلك.
4ـ التأكيد على حق الجار لتكرار الحلف على نفي الإيمان عمن لا يؤمن شره، ويشمل ذلك الجار المسلم وغير المسلم.
5ـ من حقوق الجار التي أمر الإسلام بها: الهدية، كف الأذى، حفظ العرض.
6ـ من صور أذية الجار المحرمة: كشف حرمة بيته بالنظر، أذيته، والتجسس عليه، والاعتداء على ممتلكاته.  ==

من أسبابُ الهداية وموانعُها أحمد خالد العتيبي



من أسبابُ الهداية وموانعُها أحمد خالد العتيبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أعظم نعمة ينعم الله بها على الفرد والأمة: هي الهداية إلى توحيد الله وطاعته، ولذلك امتنَّ الله تعالى على عباده بهذه النعمة، ليعلموا أنها من عنده، فيشكروه عليها، ويستمسكوا بها، قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا). [المائدة/3]
ـ أسباب الهداية: للهداية أسباب كثيرة، أهمها:
1ـ سؤال الله الهداية، فإنها بيده تعالى، فيسأل العبد ربه أن يهديه، جاء في الحديث القدسي (يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ). أخرجه مسلم (2577)، والمسلم يردد كل يوم مراراً كثيرة قوله تعالى في سورة الفاتحة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ). [الفاتحة/6]، وما ذاك إلا لحاجته إلى هداية الله له في جميع أوقاته وأحواله.
2ـ تعظيم نصوص الكتاب والسنة، والعمل بها.
3ـ تلاوة القرآن الكريم، وتدبره والعمل به.
4ـ قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم والاقتداء بهم.
5ـ مجالسة الصالحين والمصلحين والأخيار من عباد الله.
6ـ مجاهدة النفس ومراعاة تربيتها وتزكيتها حتى تسير على الطريق الصحيح.
7ـ فعل الطاعات، والاستكثار من الحسنات، فإن بعضها يدعو إلى بعض.
8ـ تذكرُ الآخرة، وحسنِ العاقبة، وما يؤول إليه الإنسان يوم القيامة هل يصير إلى الجنة أو إلى النار.
9ـ الحافظة على الصلوات وخاصة في المسجد.
10ـ ذكر الله عز وجل فذكر يجعل القلب مرتبط بالله.
11ـ حضور مجالس الذكر والفقه في أمور الدين.
ـ موانع الهداية: للهداية موانع كثيرة، أهمها:
1ـ الإعراض عن هداية الكتاب والسنة، وتلمس الهدى في غيرها.
2ـ الإعجاب بالضالين، وتقليدهم والتمسك بما كانوا عليه، والسير في ركابهم.
3ـ الجهل في الشريعة، والإعراض عن تعلم العلم الشرعي، والعمل به.
4ـ فعل المنكرات، والسعي إليها، فإن بعضها يدعو إلى بعض.
5ـ مجالسة الفاسدين والمفسدين.
6ـ اتّباع هو النفس، وإهمال تزكيتها وعلاج أمراضها.
7ـ الإعراض عن التفكير في الدار الآخرة.
8ـ اتباع خطوات الشيطان، مع أن الله قد بين طريقة، وحذر من اتباع خطواته، وأنه يدعو إلى جهنم، قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر / 6]
9ـ التعصب للباطل، وتقليد الآباء، كما قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ). [المائدة:104]
10ـ عدم الإصغاء لنصح الناصحين، وهذه طريقة المشتركين القدامى كمال قال صالح عليه السلام لقومه: (وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ).[الأعراف: 79]

2.من وصايا الصحابة رضي الله عنهم لأبنائهم جمع فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

من وصايا الصحابة رضي الله عنهم لأبنائهم
جمع  فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ  حقوق الطبع والنشر لكل مسلم
========================
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فأبناء الإنسان قطعة منه, غالين عنده, يبذل الغالي والنفيس من أجلهم فيجوع ليشبعوا, فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, قالت: دخلت امرأة معها ابنتان لها فسألت، فلم تجد عندي شيئًا غير تمرة، فأعطيتُها إيَّاها فقسمتها بين ابنتيها, ولم تأكل منها شيئًا, ثم قامت فخرجتْ.[متفق عليه]قال العلامة العثيمين رحمه الله: هذا الحديث فيه عجائب؛ منها: الرحمة العظيمة في هذه المرأة، فإنها إن قسمت التمرة أثلاثًا ضعُف نصيب كل واحدة، وإن أعطتها واحدةً دون الأخرى، صار في ذلك جَوْرٌ، فما بقي إلَّا أن تُؤثِرَ ابنتيها على نفسها، وتشقَّ التمرة بينهما نصفين، وهذا شيء عجيب!.
ولذا تجد أن الوالدين يبذلان كل ما في وسعهما من أجل أبنائهم, من خلال وسائل متعددة, منها: النصيحة لهم, فينصحان لهم حتى يسعدوا في الدنيا والآخرة, وصحابة رسول الله صلى الله عليه من أنصح الناس لأبنائهم ,فعن عكرمة بن خالد أن سعدًا بن أبي وقَّاص رضي الله عنه، قال لابنه حين حضره الموت: "يا بني، إنك لن تلقى أحدًا هو أنصح لك مني. [الطبراني في الكبير].
ومن نصحهم لأبنائهم: وصاياهم لهم ببعض الأمور التي تنفعهم في دنياهم وآخرتهم, وهذه الوصايا فيها خير كثير, ينبغي الاستفادة منها, وقد يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع الجميع بها.
ــــــــــــــــــــــــ[3]
· الوصية بمحبة الله عز وجل والخوف منه:
لما حضرت العباس بن المطلب رضي الله عنه الوفاة, بعث إلى ابنه عبدالله. فقال له: يا بني, إني موصيك بحب الله عز وجل, وحب طاعته, وخوف الله وخوف معصيته, فإنك إذا أحببت الله وطاعته, نفعك كل أحد, وإذا خفت الله ومعصيته, لم تضر أحداً, وإذا كنت كذلك لم تكره الموت متى أتاك.[فضائل الصحابة للإمام أحمد]
وصية عظيمة من العباس لابنه رضي الله عنهما, حيث أوصاه بمحبة الله جل جلاله, وكل المسلمين يُحبون الله عز وجل لكنهم يتفاوتون في تلك المحبة، وأكثرهم إيماناً أشدهم محبة لله، قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165] ومحبة الله جل جلاله إذا وفِّق العبد لها لا يعادلها شيء، ولا تماثلها لذة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إذا وجد محبة الله وجدها أحلى من كل محبة.
ولمحبة الله جل جلاله أسباب كثيرة, منها:
تقوى الله بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والمنكرات:
قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4].
إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهي عنه وزجر:
قال عز وجل: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾[آل عمران: 31]
التوبة من جميع الذنوب والمعاصي:
قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾ [البقرة: 222].
العدل مع كل أحد في الأقوال والأفعال والأحكام:
قال الله عز وجل: ﴿ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]
ــــــــــــ[4]
وكما أوصاه بمحبة الله عز وجل, فقد أوصاه بالخوف منه جل جلاله, والخوف من الله أصل كل خير، وما فارق الخوفُ قلبًا إلا خرب، فهو سراج القلب الذي يبصر به الخير من الشر، والنفع من الضر، وهو النار المحرقة للشهوات، وإذا حلَّ الخوف من الله الجليل في قلب العبد الضعيف، فسوف يتخلص بتوفيق الله له من أسر الشهوة، التي ملكت عليه نفسه، وأبعدته عن ربه. فالخوف من الله جل جلاله بداية اليقظة، وكم أيقظ الخوف من الله أناسًا عاشوا طول أعمارهم معرضين عن طاعة الله، منتهكين لحرماته! فكان توقُّد الخوف من الله في قلوبهم بداية يقظتهم، ومفتاح سعادتهم.
الكثيرون يقولون: أنهم يخافون الله؛ لكن العبرة بالأفعال وليس بالأقوال، فالخائف حقاً من الله من كف نفسه عن المعاصي، ولزم الطاعات، وقد قيل: ليس الخائف من بكى وعصر عينيه؛ وإنما الخائف من ترك ما يُعذب عليه.
إنَّ مما يعين على استشعار الخوف من الله جل جلاله أمور:
منها: شهود عظمته سبحانه تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]، ومن شهد قلبه ذلك حقًّا أوجب له الخوف والخشية من الله.
ومنها: معرفة أن عقوبة الله للعاصين شديدة؛ قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ [البروج: 12]، وأن أخذه للظالمين شديد؛ قال الله جل وعلا: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾[هود: 102، 103]، فليحذر العبد من عذاب الله وعقابه؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ [آل عمران: 28]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي يُخوِّفكم عقابه.
ــــــــــــــــــ[5]
· الوصية بالإيمان بالقضاء والقدر:
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لأبنه: يا بني, إنك لن تجد طعم حقيقية الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطاك لم يكن ليصيبك, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن أول ما خلق الله القلم, فقال له: اكتب, فقال: رب وماذا أكتب ؟ قال: اكتب مقادير كُل شيء حتى تقوم الساعة ) يا بني, إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من مات على غير هذا فليس مني)
[سنن أبي داود, كتاب السنة, باب القدر]
وصيته معناها: الإيمان بالقضاء والقدر, قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: معنى الإيمان بالقضاء والقدر, أن تعلم أنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله عليك, وما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطأك لم يكم ليصيبك. فإذا أصابتك مصيبة مما تكره, فإنك تعلم أن هذا مكتوب في اللوح المحفوظ, ولا بد أن يقع, فتتسلى بذلك عن الجزع والسخط, وتؤمن بالله عز وجل, وما أخطأك لم يكن ليصيبك, لو حرصت على طلب شيء وبذلت كل وسعك وجهدك فلن تحصل عليه, فإذا فعلت السبب وبذلت كل شيء ولم تحصل عليه, فإنك تسلم وتؤمن بالقضاء والقدر, ولا تنزعج ويكون عندك هواجس وهموم...إذا عملت هذا هان عليك الأمر.
قال العلامة السعدي رحمه الله: من فوائد الإيمان بالقضاء والقدر: أنه يوجب للعبد سكون القلب وطمأنينته وقوته وشجاعته لعلمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه. وأنه يسلى العبد على المصائب ويوجب له الصبر والتسليم والقناعة بما رزقه الله. قال تعالى: ﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن:11] قال بعض السلف: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويُسلم.
ــــــــــــــــــ[6]
· الوصية بعدم قبول حديث رسول صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة:
لما حضرت عقبة بن عامر رضي الله عنه الوفاة, قال لولده: يا بني, إني أنهاكم عن ثلاث...فاحتفظوا بها: لا تقبلوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة.[الطبراني في الكبير]
طاعة الرسول علية الصلاة والسلام واجبة, ولا تحصل طاعة الله عز وجل إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: ﴿ مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه ﴾ [النساء:80] وتكون طاعته باتباع سنته, ومتى صح الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وجب العمل به وعدم معارضته بعقل, أو ذوق, أو رأي فلان, أو غيره
وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجد فيها الصحيح والضعيف, فيجب الأخذ بالحديث الصحيح, وترك الحديث الضعيف الذي يراه بعض العلماء من المصائب التي نزلت بالمسلمين, يقول العلامة الألباني رحمه الله يقول: من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم.
والأحاديث الضعيفة قد شاعت في عصرنا, يقول الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: الأحاديث الضعيفة غزت كثيراً من الكتب التي يكتبها بعض المعاصرين عن الإسلام, كما شاعت على ألسنة العديد من الخطباء والوعاظ والمتحدثين."
وقد ساعد على انتشارها وجود أجهزة الاتصالات ومواقع التواصل, فبعض الناس ما أن يصله حديث إلا وسارع بشره رغبة في الخير دون أن يتأكد منه أهو صحيح أم ضعيف, واحمد لله فقد بذل العلماء وأئمة الحديث جهوداً جبارة في تميز الصحيح من الضعيف, فليتأكد من الحديث أنه صحيح, ثم يعمل به, وينشره.
ــــــــــــــــــ[7]
· الوصية بإحسان الوضوء:
عن عكرمة بن خالد أن سعدًا بن أبي وقَّاص رضي الله عنه، قال لابنه حين حضره الموت: يا بني....إذا أردْتَ أن تصلي فأحسِنْ وضوءك. [الطبراني في الكبير]
أوصاه رضي الله عنه بإحسان الوضوء, أي إتمام غسل جميع الأعضاء, فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً توضأ فترك موضع ظُفر على قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( ارجع فأحسن وضوءك ) [أخرجه مسلم] قال العلامة العثيمين رحمه الله: هذا الحديث يدل على أنه لا بد من إتمام غسل الأعضاء.
وإسباع الوضوء له فضائل, منها ما ورد في الحديث من فتح أبواب الجنة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيسبغُ الوضوء, ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمداً عبد الله ورسوله, إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخُلُ من أيها شاء) [أخرجه مسلم] قال الإمام النووي رحمه الله: أي: يتمه ويكمله, فيوصله مواضعه على الوجه المسنون.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: ومعنى فتح أبواب الجنة الثمانية: أنه تيسير له أعمال هذه الأبواب فتيسر له الصلاة والصيام, والصدقة والجهاد, وغير ذلك من الأبواب
ومنها: ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ...) قال القاضي عياض رحمه الله: محو الخطايا كناية عن غفرانها, ويحتمل محوها من كتاب الحفظة, ويكون دليلاً على غفرانها, ورفع الدرجات إعلاء المنازل في الجنة. وقوله: ( إسباغ الوضوء على المكاره ) أي: ايعابُه, والمكاره من شدة ألم جسم ونحوه.
ــــــــــــــــــــــــ[8]
· الوصية بالخشوع في الصلاة
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه لابنه: يا بني, إذا صليت صلاة, فصل صلاة مودع, لا تظن أنك تعود إليها أبداً.[الزهد, للإمام أحمد بن حنبل]
ومن صلى صلاة مودع صلى الصلاة بخشوع, والخشوع في الصلاة يكون بحضور القلب وسكون الجوارح, قال العلامة السعدي رحمه الله: الخشوع في الصلاة هو: حضور القلب بين يدى الله تعالى, مستحضراً لقربه, فيسكن لذلك قلبه, وتطمئن نفسه, وتسكن حركاته ويقل التفاته, متأدباً بين يدي ربه, مستحضراً جميع ما يقوله ويفعله في صلاته, من أول صلاته إلى آخرها, فتنتفى بذلك الوساوس والأفكار الرديئة, وهذا روح الصلاة, والمقصود منها.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: أما ما يعين على الخشوع، فهو أن الإنسان يُفرغُ قلبه إذا أقبل على الصلاة تفريغًا كاملًا، ويشعرُ بأنه واقف بين يدي الله عز وجل، وأن الله عز وجل يعلم ما في قلبه، كما يعلم تحرُّكاته في بدنه، ليس كالملوك؛ إذ يُمكن أن تقف أمام ملك الدنيا مُتأدبًا بظاهرك وقلبك في كُلِّ مكان وهو لا يعلم، لكن الله عز وجل يعلم ظاهرك وباطنك، فاستحضر أنك بين يدي الله، وإذا قُلت: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الفاتحة: 2]استحضر أن الله يجيبك فمن أكبر العون على الخشوع ما يلي
أولًا: أن يعتقد الإنسانُ أنه واقف بين يدي ربه.
ثانيًا: أن يعتقد أن الخشوع من كمال الصلاة، وأن الإنسان ربما ينصرف من صلاته، وما كُتِب له منها إلا نصفها أو ربعها أو عشرها
ثالثًا: أن يعتقد كثرة الثواب بالخشوع
ــــــــــــــــــــ[9]
ومن صلى بخشوع كان لصلاته تأثير عليه, قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ليس من كانت الصلاة ربيعًا لقلبه، وحياةً له وراحةً، وقرةً لعينه، وجلاءً لحزنه، وذهابًا لهمِّه وغمِّه، ومَفزعًا له يلجأ إليه في نوائبه ونوازله كمن هي سُحت لقلبه، وقيد لجوارحه، وتكليف له، وثِقَلٌ عليه، فهي كبيرة على هذا، وقرة عين وراحة لذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة45، 46]
فإنما كبرت على غير هؤلاء لخلوِّ قلوبهم من محبة الله تعالى وتكبيره وتعظيمه والخشوع له، وقلة رغبتهم فيه، فإن حضور العبد في الصلاة، وخشوعه فيها، وتكميله لها، واستفراغه وسعه في إقامتها وإتمامها على قدر رغبته في الله. وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه وإجلاله وتعظيمه من الصلاة، كحظ القلب الخالي الخراب من ذلك، فإذا وقف الاثنان بين يدي الله في الصلاة، وقف هذا بقلبٍ مُخبتٍ له، خاشع له، قريب منه، قد امتلأت أرجاؤه بالهيبة، فاجتمع همُّه على الله، وقرَّت عينه به، وأحسَّه بقُربه من الله قربًا لا نظير له، ففرَّغ قلبه له، وأقبل عليه بكُليته.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: كثير من المصلين إذا صلوا، إنما يصلونها - نسأل الله لنا ولهم العفو والعافية - كعمل روتيني...فلا تكاد تجد عندهم خضوعًا، ولا خشوعًا، ولا ذُلًّا بين يدي الله عز وجل، ولا استحضارًا لما يقولون في صلاتهم، ولا استحضارًا لما يفعلون، فلهذا يخرجون من الصلاة لم يستفيدوا منها شيئًا، لم يحصل لقلوبهم نور، ولم يحصل لإيمانهم زيادة، ولم يحصل منهم انتهاء عن الفحشاء والمنكر، كل ذلك لأنهم يصلون صلاة جسد بلا روح، ولو أنهم أعطوا الصلاة حقَّها من الخشوع، وحضور القلب،...وشعور الإنسان بأنه واقف بين يدي ربه - لكان أحبَّ الصلاة وألِفها.
ـــــــــــــــــــ[10]
· الوصية بالتحلي بمكارم الأخلاق
** قال سعيد بن العاص رضي الله عنه: يا بني, إن المكارم لو كانت سهلة يسيرة لسابقكم إليها اللئام, ولكنها كريهة مرة, لا يصبر عليها إلا من عرف فضلها, ورجا ثوابها. [مكارم الأخلاق, للحافظ ابن أبي الدنيا ]
أوصى الصحابي سعيد بن العاص رضي الله عنه ابنه: بمكارم الأخلاق, ومن رزقه الله عز وجل ابناً جامعاً لمكارم الأخلاق فقد رحمه, قال العلامة السعدي رحمه الله: من رحمة الله بعبده أن يرزقه ولداً صالحاً, جامعاً لمكارم الأخلاق, ومحامد الشيم.
مكارم الأخلاق كثيرة, يجمعها ما جاء في قوله عز وجل: ﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ﴾ [النحل:90] قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: قالت العلماء: إنها أجمع آية للبر والفضل ومكارم الأخلاق.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع الله عز وجل له مكارم الأخلاق, قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وإنك لعلى خُلُق عظيم ﴾ [القلم:4] وقد جمع الله له مكارم الأخلاق في قوله: ﴿ خُذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾ [الأعراف:199]
ومن مكارم الأخلاق, ما ذكره الإمام ابن حبان رحمه الله في كتابه " روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" فقد قال: وأول تمكن المرء من مكارم الأخلاق هو لزوم العقل:
إن المكارم أبـواب مصنفة فالعقلُ أولُها والصـمتُ ثانيها
والعلمُ ثالثها والحلمُ رابـعها والجودُ خامسها والصدقُ ساديها
والصبر سابعها والشكر ثامنها واللين تاسعها والصدق عاشيها
ــــــــــــــــــــــ[11]
ومن مكارم الأخلاق التي أوصى بها الصحابة أبنائهم:
القناعة:
قال سعد بن أبي وقاص لابنه عمر, رضي الله عنهما: يا بني, إذا طلبت الغنى فاطلُبه بالقناعة, فإن لم تكن لك قناعة فليس يغنيك مال.[عيون الأخبار, ابن قتيبة]
وقال لابنه حين حضره الموت: "يا بني،...إيَّاك والطمع؛ فإنه فقر حاضرٌ، وعليك باليأس؛ فإنه الغنى. [أخرجه الطبراني في الكبير].
حفظ الأسرار, وحفظ اللسان:
قال العباس بن عبدالمطلب لابنه عبدالله رضي الله عنهما: يا بني, إن أمير المؤمنين, يعنى عمر بن الخطاب, يدنيك, فاحفظ عني ثلاثاً: لا تُفشين له سراً, ولا تغتابن عنده أحداً, ولا يطلعن منك على كذبة.[الآداب الشرعية, الإمام ابن مفلح المقدسي]
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: يا بني املك عليك لسانك[الزهد للإمام أحمد]
الصبر على ما يكره الإنسان:
أوصى عمرو بن حبيب بنيه فقال: أي بني, من يصبر على ما يكره, يُدرك ما يحب. [الزهد, للإمام أحمد]
تجنب المزاح:
قال سعيد بن العاص لابنه: يا بني, لا تمازح الشريف, فيحقد عليك, ولا تمازح الدنيء فيجترئ عليك. [تاريخ بغداد, للخطيب البغدادي]
ومن تحلى بمكارم الأخلاق لم يحتج أن يعتذر عن قول أو عمل, وهذا ما وصى به الصحابة أبنائهم, فعن عكرمة بن خالد أن سعدًا بن أبي وقَّاص رضي الله عنه، قال لابنه: يا بني....إياك وما يُعتذَر منه من العمل والقول.[الطبراني في الكبير].
ــــــــــــــــــ[12]
· الوصية بتهوين ما أهمّهم وأحزنهم:
قالت أم رومان لابنتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, في حادثة الإفك: يا بنية هوِّني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يُحبها، ولها ضرائر، إلا أكثرن عليها؛ [متفق عليه]
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وهذا الكلام من فطنة أمها وحُسن تأنِّيها في تربيتها بما لا مزيد عليه، فإنها علمت أن ذلك يَعظُم عليها، فهوَّنت عليها الأمر بإعلامها بأنها لم تنفرد بذلك؛ لأن المرء يتأسى بغيره فيما يقع له، وأدمجت في ذلك ما تُطيِّب به خاطرها من أنها فائقة في الجمال والحظوة، وذلك مما يعجب المرأة أن توصَف به."
فمن نزل به أمر أهمّه وأحزنه, فعليه أن يهون الأمر عليه, وأن يطمئن, وأن يسكن روعه, فالإسلام بأحكامه وتشريعاته يراعي إدخال السرور على المسلم, وبعده عن الأحزان, قال الله عز وجل: ﴿ تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَلِيمًا ﴾ [الأحزاب:51] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَحْزَنَّ ﴾ أي: لا يدخلهن الحزن والغم مما مضى
وقال الله عز وجل: ﴿ وَلا يَحزُنكَ قَولُهُم إِنَّ العِزَّةَ لِلَّـهِ جَميعًا هُوَ السَّميعُ العَليمُ﴾ [يونس:65] قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: هذه آية تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم, والمعنى ولا يحزنك يا محمد ويهمك قولهم.
وقال الإمام لشوكاني: قوله: : ﴿ وَلا يَحزُنكَ قَولُهُم ﴾ نهي للنبي صلى الله عليه وسلم عن الحزن من قول الكفار المتضمن للطعن فيه وتكذيبه والقدح في دينه
ــــــــــــــــــ[13]
· الوصية بترك الاستدانة:
لما حضرت عقبة بن عامر رضي الله عنه الوفاة, قال لولده: يا بني, إني أنهاكم عن ثلاث...فاحتفظوا بها: لا تدينوا, ولو لبستم العباء[الطبراني في الكبير]
وصية عظيمة من الصحابي عقبة بن عامر رضي الله عنه, لبنيه باجتناب الدَّين, ولو اضطروا إلى لبس " العباء" وهو نوع من اللباس مفتوح من الإمام, فالدّين له آفات, والإنسان في سلامة وعافية وراحة, ما دام لم يحمل نفسه الديون, فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منه, فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته: ( اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم ) فقال قائل : ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المأثم والمغرم قال: ( إن الرجل إذا غرم حدث فكذب, ووعد فأخلف) [متفق عليه] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: يحتمل أن يراد بالاستعاذة من الدين الاستعاذة من الاحتياج إليه, حتى لا يقع في هذه الغوائل, أو من عدم القدرة على وفائه حتى لا تبقى تبعته.
فالحذر من الدَّين فقد يستدين العبد ثم لا يستطيع الوفاء, فخطر الدّين عظيم, فعن ابن عمرو رضي الله عنهما, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( القتل في سبيل الله يُكفر كل خطيئة إلا الدَّين ) [أخرجه مسلم]
ومن اضطر للدَّين, فليستعن بالله على قضائه, وهذا ما أوصى به عبدالله بن الزبير رضي الله عنه، ابنه قال: دعاني الزبير...فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني، إن عجزت عن شيء منه، فاستعن عليه مولاي، قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلتُ: يا أبَتِ، من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعت في كربةٍ من دينه إلا قلتُ: يا مولى الزبير اقْضِ عنه دَيْنَه فيقضيه. [أخرجه البخاري].
ـــــــــــــــ[14]
· الوصية بالصبر على جور الأئمة:
قال عمرو بن العاص لابنه رضي الله عنهما: يا بني احفظ عني ما أُوصيك به:...إمام ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم.[الآداب الشرعية, الإمام ابن مفلح المقدسي]
وصية عظيمة من الصحابي عمرو بن العاص لابنه, رضي الله عنهما, بالصبر على ظلم الأئمة, وإن ذلك خير من الفتنة التي إذا قامت دامت. لذا لا بد من الصبر.
ومن منهج أهل السنة والجماعة: أنهم لا يرون الخروج على ولاة المسلمين وإن ظلموا, قال الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا, وإن جاروا. قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: هذه مسألة عظيمة, فمن أصول أهل السنة والجماعة: أنهم لا يرون الخروج على ولاة المسلمين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾[النساء:59] وقال علية الصلاة والسلام: ( من يطع الأمير فقد أطاعني, ومن يعص الأمير فقد عصاني.) فلا يجوز الخروج عليهم, ولو كانوا فساقاً لأنهم انعقدت بيعتهم, وثبتت ولايتهم.
وفي الخروج على الأئمة الكثير من المفاسد التي ذكرها أهل العلم: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان, إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فنهى عن قتال الأمراء والخروج على الأئمة وإن ظلموا وجاروا, ما أقاموا الصلاة سداً لذريعة الفساد العظيم, والشر الكبير بقتالهم, كما هو الواقع, فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم من الشرور أضعاف ما هم عليه, والأمة في بقايا تلك الشرور إلى الآن.
ـــــــــــــــــــــــ[15]
وقال العلامة العثيمين رحمه الله: تدبروا التاريخ من أوله إلى آخره, وانظروا ماذا حصل من الفتن والبلاء وتمزق الأُمة بسبب الخروج على الأئمة, فالأمةُ الإسلاميةُ كانت تحت رايةٍ واحدة, وتمزقت بالخروج بعضها على بعض حتى تفرقت الأمة...اقرءوا التاريخ في الماضي...ماذا حصل في القيام على الحكام من البلاء والشرِّ واستحلال الدماء, وانتهاك الأعراض المسلمة, واستحلال الدماء والأموال.
وقال رحمه الله: اقرأ التاريخ من حين حصل الاختلاف على الأئمة إلى يومنا هذا تجد الشرور والفساد كله في الخروج على ولاة الأمور, ماذا حصل من قتل عثمان رضي الله عنه؟ ومن قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ ومن...قُتل من بقية الخلفاء؟ حصل الشر والفساد حتى أولئك السفهاء الذين خرجوا على ولاتهم, واستحلوا كراسيهم وسمّوها ثورة وما أشبه ذلك, ما ذا حصل منهم ؟ هل أصلحوا على الوضع؟ أبداً, بل إن المتأمل يجد أن الوضع الذي كان في السابق خير مما هو عليه الآن. كل ذلك بسبب الخروج عن طاعة الله ورسوله فلو أن هؤلاء أطاعوا الله ورسوله في الصبر على ولاة الأمور, وطاعتهم في غير معصية الله, لرأوا خيراً كثيراً.
وقال: الإنسان يجب عليه أن يتأمل قبل أن يقدم ما هي النتيجة وما هي الفائدة, والأحداث تشهد أن أولئك الذين خرجوا على أئمتهم بُحجة أنهم يريدون أن ينتصروا للإسلام وأن أئمتهم على الضلال والكفر نرى أن الحال تنعكس وتكون أسوأ بكثير مما سبق. وتأملوا الآن كل البلاد التي حصلت فيها ثورات يتمنى شعوبها الآن أنهم كانوا على الحال الأولى السابقة يتمنون هذا بكل قلوبهم ولكن هذا لا يحصل.
وقال رحمه الله: علينا أن نفكر وننظر إلى كل البلاد التي حصلت فيها الثورة ما ازدادت بعد الثورة إلا شراً في دينها ودُنياها.
ــــــــــــــــــــ[16]
· الوصية بالصبر على الأذى عند القيام بالأمر بالمعروف:
أوصى عمرو بن حبيب بنيه فقال: أي بني إذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر, فليوطن نفسه قبل ذلك على الأذى, وليوقن بالثواب من الله عز وجل, فإنه من يوقن بالثواب من الله عز وجل لا يجد مس الأذى.[الزهد, للإمام أحمد]
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلة كبيرة في دين الإسلام, وهو فرض كفاية, يقول الله تعالى: ﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ﴾ [آل عمران:104] وقال تعالى: ﴿ كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾ [آل عمران:110]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والجلوس في الطرقات ) قالوا: ما لنا بدّ, إنما هي مجالسنا نتحدث فيها, قال: ( فإذا أبيتم إلا ذلك, فأعطوا الطريق حقها) قالوا: وما حق الطريق ؟ قال: ( غض البصر, وكف الأذى, ورد السلام, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) قال الإمام النووي رحمه الله: القيام بالأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, أجمع العلماء على أنه فرض كفاية, فإن خاف من ذلك على نفسه, أو ماله, أو على غيره, سقط الانكار بيده, ولسانه, ووجبت كراهته بقلبه
وإذا عطل الأمر بالمعروف استشرى الفساد, قال الإمام ابن حزم رحمه الله: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة, وعمت الفترة, وفشت الضلالة, وشاعت الجهالة, واستشرى الفساد, وخربت البلاد, وهلك العباد, فإنا لله وإنا إليه راجعون, إذ قد اندرس من هذا القطب عمله وعلمه, وانمحق بالكلية حقيقته ورسمه, فاستولت على القلوب مداهنة الخلق وانمحت عنها مراقبة الخالق, واسترسل الناس في اتباع الهوى والشهوات
ـــــــــــــــــ[17]
ومما يحفظ به الله عز وجل العباد أن تصيبهم المصائب المتنوعة: قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه, أنه قال في خطبة خطبها: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتؤولونها على خلاف تأويلها, ﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾ [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم عملوا بالمعاصي, وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم, فلم يفعل إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لتأمرن بالمعروف, ولتنهن عن المنكر, أو ليسلطن الله عليكم سلطاناً ظالماً, لا يجل كبيركم, ولا يرحم صغيركم, ويدعو عليه خياركم فلا يستجاب لهم, وتستنصرون فلا تنصرون, وتستغفرون فلا يغفر لكم.
وقال بلال بن سعيد: إن المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها, فإذا أعلنت ولم تغير أضرت العامة.
لقد أوصى الصحابي عمرو بن حبيب رضي الله عنه بنيه بالصبر على الأذى عند قيامهم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, قال الله عز وجل: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان:17] نقل عن سيد العباد بعد الصحابة أويس القرني أنه قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضناً ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين حتى والله لقد رموني بالعظائم وأيم الله لا أدع أقوم فيهم بحقه.
ومن تركه وهو قادر عليه فهو من ميت الأحياء, سئل حذيفة رضي الله عنه عن ميت الأحياء, فقال: الذي لا ينكر المنكر بيده, ولا بلسانه, ولا بقلبه.
ــــــــــــــــــ[19]
· الوصية بالحذر من مجالسة رفاق السوء:
أوصى عمرو بن حبيب بنيه فقال: أي بني, إياكم ومجالسة السفهاء, فإن مجالستهم داء.[الزهد, للإمام أحمد]
من أخطر الأشياء على الأبناء: رفاق السوء الذين يزينون لهم كل شر وفساد, ولذا حذر الصحابي عمرو بن حبيب رضي الله عنه, بنيه من مجالستهم, وأن ذلك داء.
وقد أوصى العلماء الآباء بحفظ أبنائهم من رفاق السوء, قال الإمام الغزالي رحمه الله: ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فلأن يصونه عن نار الآخرة أولى, وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق, ويحفظه من قرناء السوء....وأصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوء.
والانبساط إلى الناس قد يجلب للإنسان رفاق السوء, قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة, والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء, فكن بين المنقبض والمنبسط. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فأما ما تؤثره كثرة الخلطة, فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسودَّ, ويوجب له تشتتاً وتفرقاً, وهماً وغماً وضعفاً, وحملاً لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء,...هذا وكم جلبت خلطة الناس من نقمة, ودفعت من نعمة, وأنزلت من محنة, وعطَّلت من منحة, وأحلت من رزية, وأوقعت في بلية, وهل آفة الناس إلا الناس, وهل كان على أبي طالب عند الوفاة أضرُّ من قرناء السوء؟
لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمةٍ واحدةٍ توجب له سعادة الأبد.
فليحرص العبد على الجلساء الصالحين, فإن لم يجدهم فالوحدة خير له, قال أبو ذر رضي الله عنه: الوحدة خير من جليس السوء, والجليس الصالح خير من الوحدة.
ـــــــــــــــــــــ[19]
· الوصية بعدم الاشتغال بالشعر الذي يلهي:
لما حضرت عقبة بن عامر رضي الله عنه الوفاة, قال لولده: يا بني, إني أنهاكم عن ثلاث...فاحتفظوا بها: لا تكتبوا شعراً, فتشغلوا به قلوبكم عن القرآن.[الطبراني في الكبير]
الشعر كلامه حسنه حسن, وقبيحه قبيح, فينبغي الحذر من القبيح منه فهو من تلبيس الشيطان على الإنسان, قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: الشعراء...تراهم يهيمون في كل واد من الكذب والقذف والهجاء...والإقرار بالفواحش...وترى خلقاً من الشعراء وأهل الأدب لا يتحاشون عن...الذب في المدح خارجاً عن الحد.
وإنشاء الشعر إذا لم يكن فيه كلام مستكره فمباح, لكن الانشغال به مذموم, فوقت المسلم ثمين فينبغي ألا يشغله إلا بكل نافع قال الإمام الغزالي رحمه الله: سئل بعضهم عن شيء من الشعر فقال: اجعل مكان هذا ذكراً فإن ذكر الله خير من الشعر.
والانشغال بإنشاء الشعر والاستماع إليه قد يشغل الإنسان عما هو أنفع له, وبعض السلف كان يعاقب على هذا, فعن محمد بن نافع قال: أقبلنا مع هرم بن حيان من خرسان, حتى إذا كنا في بعض الطريق تمثلت ليلة سحر ببيت من الشعر, قال: فرفع هرم عليَّ السوط فجلدني جلدة على الظهر التويت منها. وقال لي: أفي هذه الساعة التي ينزل فيها الرحمن, ويستجاب فيها الدعاء, تتمثل بالشعر.
فلا ينبغي أن يأخذ الشعر المباح جزءاً كبيراً من وقت المسلم, قال العلامة السعدي رحمه الله: الذي لا ينبغي كون الإنسان يتصدر لعمل الشعر, ويأخذ جزءاً كبيراً من وقته وقلبه, أما إذا عرض له أحياناً البيتان والثلاثة ونحوهما في بعض المواضيع الحسنة أو المباحة, فلا محذور في ذلك, وما زال أهل العلم على هذا, والذم لا يتناول هذا.
ــــــــــــــــــــــ[20]
فهرس الموضوعات
الموضوع
الصفحة
المقدمة
3
الوصية بمحبة الله عز وجل والخوف منه
4
الوصية بالإيمان بالقضاء والقدر
6
الوصية بعدم قبول حديث الرسول علية الصلاة والسلام إلا من ثقة
7
الوصية بإحسان الوضوء
8
الوصية بالخشوع في الصلاة
9
الوصية بالتحلي بمكارم الأخلاق
11
الوصية بتهوين ما أهمهم وأحزنهم
13
الوصية بترك الاستدانة
14
الوصية بالصبر على جور الأئمة
15
الوصية بالصبر على الأذى عند القيام بالأمر بالمعروف
17
الوصية بالحذر من رفاق السوء
19
الوصية بعدم الاشتغال بالشعر الذي يلهي
20
فهرس الموضوعات
21
ـــــــــــــــــــ[21]

أسباب السعادة من أقوال أهل السعادة جمع فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

أسباب السعادة من أقوال أهل السعادة جمع فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ  
حقوق الطبع والنشر لكل مسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فزوال الهموم, وذهاب الغموم, وجلاء الأحزان, وراحة البال, مطلب لكل إنسان في هذه الحياة, فهي السعادة التي ينشدها كل إنسان, لكن لا يمكن أن يسعد الإنسان ويرتاح وتزول همومه وغمومه وأحزانه, وهو فاقد لنعمة الإسلام, ونعمة الإيمان بالله, والهداية, وهؤلاء الكفار عندما فقدوا هذه النعم, صارت حياتهم: بؤس وشقاء, ورعب وهلع,, وخوف وأحزان, وهموم وغموم, رغم ما يتمتعون به من نعم دنيوية, قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: السعادة في الدنيا والآخرة ليست بوجود الأسباب الدنيوية فهم عندهم [أي: الكفار]من الأسباب الدنيوية الشيء الكثير ومع ذلك لم يسعدوا في حياتهم إذا عندهم من الشقاء والبؤس ما لله به عليم
إن السعادة في الاستقامة, فمن رام السعادة الحقيقية فليجاهد نفسه ليكون من أهل الهداية, فلا تقتصر سعادته على الحياة الدنيا, بل يكون سعيداً في دنياه, وفي قبره, وفي آخرته, يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الموت لا بدّ منه, فإن كان العبد من أهل الهداية, كان سعيداً بعد الموت, وكان الموت موصلاً له إلى السعادة الدائمة الأبدية, فيكون رحمة في حقه.
ومن رغب البحث عن أسباب السعادة, فليبحث عنها عند أهل السعادة, وهم العلماء الربانيون, وقد يسّر الله الكريم لي, فجمعتُ بعضاً من أقوالهم, عن أسباب السعادة, أسأل الله أن ينفعني والمسلمين بها.
ــــــــــــــــ[3]
· معرفة الله جل جلاله, وتوحيده وإفراده بالعبادة:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: اللذة التامة والفرح والسرور، وطيب العيش، والنعيم، إنما هو في معرفة الله، وتوحيده والأُنس به، والشوق إلى لقائه، واجتماع القلب والهمِّ عليه، فإن أنكد العيش عيش من قلبه مُشتت، وهمه مفرَّق؛ فاحرص أن يكون همُّك واحدًا, وأن يكون هو الله وحده، فهذا غاية سعادة العبد، وصاحب هذه الحال في جنة معجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل.
وقال: التوحيد يفتح للعبد....باب السعادة.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: هذان الأمران وهما: معرفته وعبادته, هما اللذان خلقا الله الخلق لأجلهما, وهما الغاية المقصودة منه تعالى لعباده, وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح, وسعادة دنيوية وأخروية, وهما أشرف عطايا الكريم لعباده, وهما أشرف اللذات على الإطلاق وهما اللذان إن فاتا فات كل خير, وحضر كل شر
وقال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك: السعادة سببها توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له, وطاعته وطاعة رسله, هذه أسس السعادة.
وقال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: سعادة العبد وعِظَم صلاح قلبه, وعِظَم صلاح روحه, بأن يكون تعلقه بالله جل وعلا وحده.
وقال الشيخ عبدالعزيز محمد السدحان: توحيد الله تعالى من أعظم أبواب السعادة
· محبة الله جل جلاله:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: محبة الله وحده, ومحبة ما أحبّ, وهذه المحبة هي أصل السعادة ورأسها. وقال: المحبة...روح الإسلام, وقطبُ رحى الدين, ومدار السعادة والنجاة وقال: أعظم سعادة العبدة...تفريغ قلبه لحب الله, ولسانه لذكره.
ــــــــــــــــــــــ[4]
· الاعتصام بالله عز وجل والتوكل عليه:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: مدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله, والاعتصام بحبله, ولا نجاة إلا لمن استمسك بهاتين العصمتين.
فأما الاعتصام بحبله فإنه يعصم من الضلالة, والاعتصام به يعصم من الهلكة
والاعتصام به فهو التوكل عليه والامتناع به, والاحتماء به وسؤاله أن يحمى العبد ويمنعه, ويعصمه ويدفع عنه.
· طاعة الله عز وجل وعبادته:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الطاعة عاقبتها سعادة الدنيا والآخرة.
وقال أسعد الخلق أعظهم عبودية لله وقال سعادة العبد أن يفعل المأمور ويترك المحظور
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: رب العالمين, وأرحم الراحمين, وأقدر القادرين, ...لا تُنال سعادة إلا بطاعته. وقال: فأوامره سبحانه, وحقه الذي أوجبه على عباده, وشرائعه التي شرعها لهم, هي قرة العيون, ولذة القلوب, ونعيم الأرواح وسرورها, وبه سعادتها. وقال: امتثال أمر الله...غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده
وقال السعدي رحمه الله: امتثال أمر الله وقبول وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة
· تقديم حق الله جل جلاله على هوى النفس:
وقال العلامة ابن عبدالسلام رحمه الله: السعادة كلها في اتباع الشريعة, في كل ماورد, وصدر, ونبذ الهوى فيما يخلفها.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ما قدَّم أحد حق الله على هوى نفسه وراحتها إلا رأى سعادة الدنيا والآخرة, ولا عكس ذلك فقدم حظ نفسه على حق ربه إلا ورأى الشقاوة في الدنيا والآخرة.
ـــــــــــــــ[5]
· الرد عند التنازع إلى حكم الله ورسوله:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]؛ أي: هذا الذي أمرتكم به من طاعتي وطاعة رسولي وأولي الأمر، وردِّ ما تنازعتم فيه إليَّ وإلى رسولي - خير لكم في معاشكم ومعادكم، وهو سعادتكم في الدارين، فهو خير لكم وأحسن عاقبة...فدلَّ هذا على أن طاعة الله ورسوله وتحكيم الله ورسوله هو سبب السعادة عاجلًا وآجلًا
· اتباع سنة الرسول علية الصلاة والسلام
قال الحسن الجوزقاني رحمه الله: من علامات سعادة العبد: موافقة السنة في أفعاله
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السعادة والهدى في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: فلا نجاة للعبد ولا سعادة إلا باجتهاده في معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علمًا، والقيام به عملًا. وكمال هذه السعادة بأمرين آخرين:
أحداهما: دعوة الخلق إليه. الثاني: صبره وجهاده على تلك الدعوة.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: الخير كله, والسعادة في الدنيا والآخرة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم, والسير على سنته, وسلوك مسلك أصحابه رضي الله عنهم, لأنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة, هم وأتباعهم بإحسان, كما قال الله عز وجل: ] والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم [ [التوبة:100]
ـــــــــــــــ[6]
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الله تعالى بارك في دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام بركةً لا نظير لها؛....ومن بركة دعوته ما يحصل لتابعه من الطمأنينة، والاستقرار، والسعادة، والثبات وغير ذلك.
· الإيمان الصحيح, والعمل الصالح:
قال العلامة السعدي رحمه الله: الإيمان الصحيح, والعمل الصالح, عنوان على سعادة صاحبه, وأنه من أهل الرحمن, ومن الصالحين من عباد الرحمن.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: في سورة العصر أن من صفات الرابحين الناجين السعداء: الإيمان, والعمل الصالح,...هذه...صفات الرابحين, صفات السعداء.
وقال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك: أسس السعادة: إيمان وتقوى, وعمل صالح, ولا تكون السعادة بدون ذلك.
· الرضا بالقضاء والقدر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: سعادة العبد أن يسلم للمقدور.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: الرضا بالمقدور من سعادة ابن آدم, كما في المسند والترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله.) فالرضا بالقضاء من أسباب السعادة.
· الإخلاص في العمل:
قال ذو النون رحمه الله: من أعلام السعادة: الإخلاص في السعي.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: الإقبال على الله والإخلاص له, فيا سعادة من دخل في هذا الحصن.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: عنوان سعادة العبد, إخلاصه للمعبود.
ـــــــــــــــ[7]
وقال: لا طريق للفلاح سوى الإخلاص في عبادة الخالق,...فمن وفق لذلك فله القدح المُعلى من السعادة, والنجاح والفلاح.
وقال: مدار السعادة ومادتها: الإخلاص لله الذي أصله الإيمان بالله.
· العلم النافع والعمل الصالح:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الخير والسعادة والكمال والصلاح منحصر في نوعين: في العلم النافع, والعمل الصالح
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: العلم النافع,...هو العلم الذي يؤثر في صاحبه خشية الله, ويورثه تعظيم حرمات الله ومراقبته, ويدفعه إلى أداء فرائض الله وإلى ترك محارم الله, وإلى الدعوة إلى الله عز وجل,...ومن رزق العلم النافع فقد رزق أسباب السعادة إذا عمل بذلك واتقى الله في ذلك.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: العلم هو أعظم باب للسعادة, وهو المفتاح الأكبر للأُنس والراحة.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: أما العلم النافع: فهم العلم المزكي للقلوب والأرواح, المثمر لسعادة الدارين, وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير وفقه, وما يعين على ذلك من علوم العربية.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: العلم النافع والعمل الصالح اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما، ولا نجاة له إلا بالتعلق بسبهما، فمن رُزِقهما فقد فاز وغَنِمَ، ومن حُرمهما فالخير كلَّه حُرِمَ، وهما مورد انقسام العباد إلى مرحوم ومحروم.
وقال: محبةُ العلم من علامات السعادة وبغضُ العلم من علامات الشقاوة, وهذا كله إنما هو في علم الرسل الذي جاؤوا به, وورثوه للأمَّة, لا في كلِّ ما يسمى علماً.
ــــــــــــــــ[8]
· الفقه في الدين:
قال ذو النون رحمه الله: من أعلام السعادة: الفقه في الدين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من فقِه في الدين كان من أهل السعادة.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: من أسباب السعادة التفقه في الدين كما قال علية الصلاة والسلام: ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ) فمن علامات الخير والسعادة التفقه في دين الله, والتفقه في الشريعة حتى يعرف المسلم ما يجب عليه وما يحرم عليه فيعبد الله على بصيرة
· الاستمرار في تعلم مسائل التوحيد والقراءة في مسائله
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: العلم هو الشفاء, فالتعلم لا بد منه, ومن قال: التوحيد أمر فطري, لا نحتاج إلى أن تعلمه, ولا إلى أن نبذل فيه الوقت, ولا الجهد. فهذا جاهل بنفسه, وجاهل بحق ربه عز وجل, بل التوحيد يحتاج العبد أن يتعلمه دائماً, حتى لا يقع في شيء من نواقض ذلك التوحيد,...فمن علامات سعادة المؤمن, وطالب العلم, والداعي إلى الله عز وجل أن يكون دائم التعلم للتوحيد, والقراءة في مسائله.
· التوبة والإنابة إلى الله:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة.
وقال العلامة السعدي: قوله تعالى: ( فإن يتوبوا يك خيراً لهم ) لأن التوبة أصل لسعادة الدنيا والآخرة.
وقال: سمى الله الرجوع إليه فراراً لأن في الرجوع إلى غيره, أنواع المخاوف والمكاره, وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسرور والسعادة والفوز.
ــــــــــــــ[9]
وقال العلامة ابن باز: التوبة إلى الله فيها الخير العظيم, والسعادة في الدنيا والآخرة
وقال الشيخ عبدالعزيز محمد السدحان: من أسباب السعادة: المبادرة بالتوبة النصوح
فائدة: يقول أحد الممثلين التائبين: لقد بحثت عن السعادة طوال عمر وجودي في مهنة الفن فلم أجدها, حزت على الكثير من المال فلم أجد السعادة, نلت الكثير من الشهرة فلم أجد السعادة, تجولت في العالم فلم أجد السعادة, يراني الناس أضحك فيظنون أنني سعيد, وأنا أتعذب من الداخل بكل ما تعنى هذه الكلمة, لم أجد السعادة إلا بعد الرجوع إلى الله, السعادة في الخوف من الجليل, والعمل بالتنزيل, والرضا بالقليل, وهذه العناصر الثلاثة التي تؤدي للاستعداد ليوم الرحيل, وهذا والله هو سر السعادة.
وتقول فنانة تائبة: حياتي الآن, راحة بعد قلق, وسعادة بعد عذاب, واطمئنان بعد تكالب على الدنيا, فالماضي كان عبارة عن حياة صاخبة, مليئة بالقلق, والتوتر, والخوف, لكن حياة اليوم فيها حب الله تعالى.
· التقوى:
قال العلامة السعدي رحمه الله: امتثال العبد لتقوى ربه, عنوان السعادة, وعلامة الفلاح. وقال: ينبغي الاهتمام بما يجلب السعادة الأبدية, وهو التقوى.
وقال: السعداء هم: المؤمنون المتقون.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: التقوى هي سبب السعادة والنجاة وتفريج الكروب والعز والنصر,...وهي سبب الأمن والخير والسعادة في الدنيا والآخرة.
· الهداية والاستقامة على دين الله:
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: السعيدُ من أنست نفسه بالفضائل والطاعات.
ــــــــــــــ[10]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العبد مضطر دائماً أن يهديه الله الصراط المستقيم...فإنه لا نجاة من العذاب ولا وصول إلى السعادة إلا بهذه الهداية.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: من أراد الأمن في الدنيا والسعادة في الآخرة فعليه بهذا الدين وأن يلتزم به
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إذا رأيت من نفسك أن الله عز وجل قد منَّ عليك بالهداية, والتوفيق والعمل الصالح ومحبة الخير وأهل الخير, فأبشر فإن في هذا دليلاً على أنك من أهل اليسرى الذين كتبت له السعادة.
وقال العلامة صالح الفوزان: إذا تولاك الله برعايته وبتوفيقه وهدايته في الدنيا, وفي الآخرة, فإنك تسعد سعادة لا شقاء بعدها أبداً, في الدنيا يتولاك بالهداية والتوفيق والسير على المنهج السليم, وفي الآخرة يتولاك بأن يدخلك جنته خالداً مخلداً.
ومن استقام على طاعة الله سهلت عليه الطاعة, وتيسرت له أسبابها, وهذا من علامات سعادته
قال ذو النون رحمه الله: من أعلام السعادة: التيسير للعمل.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من كان سعيداً ييسر للأعمال الصالحة التي تقضي السعادة.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: قال صلى الله عليه وسلم: ( أما أهل السعادة, فييسَّرون لعمل أهل السعادة) فإذا كان العبد يجد أعمال الخير ميسرةً له, مسهّلةً, ومحفوظاً بحفظ الله عن الأعمال التي تضُرُّه, كان هذا من البشرى التي يَستدلُّ بها المؤمن على عاقبة أمره, فإن الله أكرمُ الأكرمين, وأجودُ الأجودين, وإذا ابتدأ عبده بالإحسان أتمَّهُ.
ـــــــــــــــ[11]
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: تجد الإنسان السعيد – نسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم- يسهل عليه عمل أهل السعادة فتسهل عليه الصلاة, وتسهل عليه الصدقة, وتسهل عليه صلاة الأرحام ويسهل عليه كلُّ عمل خير فإذا رأيت أن الله قد منَّ عليك بهذا وأن عمل الخير مُيسر لك فأبشر بالخير, فإن هذا يدلُّ على أنك من أهل السعادة.
والسعيد يسعد بالأعمال الصالحة, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السعيد يسعد بالأعمال الصالحة.
· تلاوة القرآن الكريم, وتدبره, واتباع ما فيه:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمُّل له, وجمع الفكر على معاني آياته, فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما, وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما, وتتُلُّ في يده مفاتيح كنوز السعادة.
وقال العلامة الزركشي رحمه الله: الحمد لله الذي نور بكتابه القلوب, وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب, فأعيت بلاغته البلغاء, وأعجزت حكمتهُ الحكماء, وأبكمت فصاحته الخطباء,...فالسعيد من صرف همته إليه, ووقف فكره وعزمه عليه.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: الذكر الذي أنزله الله على رسوله, الذي فيه حياة القلب والروح, وسعادة الدنيا والآخرة, وفلاح الدارين.
وقال: المؤمن مهتد بالقرآن متبع له, سعيد في دنياه وآخراه.
ـــــــــــــــــ[12]
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: السعيد من تدبره وتعقله وعمل بما فيه, والشقي من أعرض ذلك, واتبع الهوى والشيطان, نعوذ بالله من ذلك.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: بركة القرآن ما يحصل للمتمسِّك به من صحة القصد، وسلامة المنهج، والسعادة في الدنيا والآخرة.
وقال: فعليك – يا أخي – بتدبر القرآن فستجد فيه العجائب من المواعظ والأحكام والحكم, فإن هذا القرآن – يا إخواني – كلامُ رب العالمين, الذي أنزله لنتدبر آياته ونتعظ به, والقرآن خير وبركة, فعليك بتدبر آياته, وتصديق أخباره, والعمل بأحكامه, إن كنت تريد السعادة في الدنيا والآخرة.
وقال: كتاب الله كله فوائد, فالسعيد من تدبره وتعقله, وعمل بما فيه.
· التعامل مع الناس بما يرضي الله عز وجل:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الناس,...السعيد الرابح من عامل الله فيهم, ولم يعاملهم في الله, وخاف الله فيهم, ولم يخفهم في الله, وأرضى الله بسخطهم, ولم يُرضهم بسخط الله, وراقب الله فيهم, ولم يراقبهم في الله, وآثر الله عليهم, ولم يؤثرهم على الله, وأمات خوفهم ورجاءهم وحبهم من قلبه, وأحيا حبَّ الله وخوفه ورجاءه فيه.
· حسن الخلق:
قال أبو علي الجوزقاني رحمه الله من علامات سعادة العبد حسن أخلاقه مع الإخوان
· الصدق في الأقوال والأعمال:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: السعادة دائرة مع الصدق والتصديق.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فيه: عظم مقدار الصدق في القول والفعل, وتعليق سعادة الدنيا والآخرة والنجاة من شرهما به.
ــــــــــــــــــــ[13]
· التواضع والرحمة:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: من علامات السعادة والفلاح: أن العبد كلما زِيدَ في علمه زِيدَ في تواضعه ورحمته.
· الحياء:
قال محمد بن منصور الطوسي رحمه الله: من السعادة: الحياء.
· فعل الخير والإحسان إلى الآخرين:
قال أبو علي الحسن بن علي الجوزقاني رحمه الله: من علامات سعادة العبد: بذل معروفه للخلق.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله: الإحسان سبب الفوز ونيل السعادة
وقال الإمام النووي رحمه الله: وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعسر, والوضع عنه, إما كلّ الدّين, وإما بعضه من كثير أو قليل, وفضل المسامحة....وأنه لا يحتقر شيء من أفعال الخير, فلعله سبب السعادة والرحمة فيه.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: عنوان سعادة العبد....سعيه في نفع الخلق.
وقال: السعي في نفع عبيده, فمن وفق لذلك فله القدح المُعلى من السعادة
وقال: مدار السعادة ومادتها...الإحسان إلى الخلق بجميع وجوه الإحسان.
· القناعة:
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: قال علية الصلاة والسلام: ( خيرُ الناس من أسلم, ورُزق كفافاً, وقنعه الله بما آتاه.) لوكان عندك أموال قارون وأنت غير قانع فلن تسعد بها, ولو كان عندك ما يكفيك قوت يومك وأنت قانع وشاكر لله تعالى فستحظى بالسعادة.
ـــــــــــــــــ[14]
· حفظ الأمانة وعدم الخيانة:
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: حفظ الأمانة يوجب سعادة الدارين والخيانة توجب الشقاء فيهما.
· السلامة من الظلم والجهل:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السعيد من تاب الله عليه من جهله وظلمه, وإلا فالإنسان ظلوم جهول.
· نبذ الخيلاء والكبرياء:
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: الزم رحمك الله اللصوق إلى الأرض, والإزراء على نفسك, وهضمها, ومراغمتها عند الاستشراف لكبرياء أو غطرسة, أو حُب ظهور أو عجب...ونحو ذلك من آفات العلم القاتلة له, المذهبة لهيبته, المُطفئة لنوره, وكلما ازددت علماً أو رفعة في ولاية, فالزم ذلك, تُحرز سعادةُ عظمى, ومقاماً يغبطك عليه الناس.
· قلة العيوب:
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: لا يخلو مخلوق من عيب. فالسعيد من قلَّت عيوبه ودقَّت
· أن تكون سيئات العبد نصب عينيه:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الله سبحانه إذا أراد بعبده خيراً أنساه رؤية طاعاته, ورفعها من قلبه ولسانه, فعلامةُ السعادة أن تكون حسنات العبد خلف ظهره, وسيئاتهُ نصبَ عينيه.
ــــــــــــــــ[15]
· طاعة الله, وخوف عدم القبول:
سئل سعيد بن إسماعيل بن سعيد الحيري رحمه الله: ما علامة السعادة ؟ فقال: علامة السعادة أن تطيع الله وتخاف أن تكون مردوداً.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: من علامة السعادة أن تطبع, وتخاف أن لا تقبل.
· الزوجة الصالحة والأبناء البررة:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من سعادة المرء: أن تكون زوجته صالحة, وأولاده أبراراً.
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: السعيد إذا حصلت له امرأة عَلِمَ دينها, ومال إليها,...عقد الخنصر على صحبتها.
· المعاشرة بالمعروف بين الزوجين:
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الواجب على الإنسان إذا كان يحب أن يحيا حياة سعيدة مطمئنة، هادئة أن يعاشر زوجته بالمعروف، وكذلك بالنسبة للزوجة مع زوجها وإلا ضاعت الأمور وصارت الحياة شقاء،....فعليك يا أخي بالمعاشرة بالمعروف
وقال: الألفة بين الزوجين تجعل الحياة سعيدة، واسأل من ألف الله بينهم وبين زوجاتهم كيف يحيون أسعد ما يكون، ومن بينه وبين أهله شيء من الجفاء فانظر ماذا يكون عليه كل يومٍ، وكلَّ صباح، كل منهما يدعو على الثاني، ويتعبون الناس، ويتعبون القضاة، ويتعبون أقاربهم.
ولذلك أحثُّ إخواني الذكور أو أخواتي الإناث على الصبر، ودوام الحال من المُحال، وعلى التَّحمُّل، وعلى طلب الألفة حتى يكون الزوجان سعيدين.
ــــــــــــــ[16]
وقال في شرح "باب عشرة النساء" من كتاب "زاد المستقنع": الحقيقة أنه باب عظيم تجب العناية به، لأن تطبيقه من أخلاق الإسلام، ولأن تطبيقه تدوم به المودة بين الزوجين، ولأن تطبيقه يحيا به الزوجان حياة سعيدة
· مصاحبة الصالحين
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من سعادة المرء: أن يكون إخوانه صالحين.
وقال أبو علي الجوزقاني رحمه الله: من علامات سعادة العبد: صحبته لأهل الصلاح.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من أسباب السعادة: مجالسة الصالحين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم, وعلى رأسهم العلماء, وطلبة العلم.
فائدة: يقول مغني تائب: اشتهرت شهرة كبيرة, وأصبح اسمي على كل لسان, وصوتي يسمع في كل بيت, وعلى الرغم من هذه الشهرة إلا كنت غير سعيد, كنت أشعر بالتعاسة والشقاء, وأحس بالممل, وبضيق الصدر.
ثم ذكر أنه تعرف على صحبة طيبة عن طريق أخيه, يقول: كنت أشعر بشعور غريب وأنا أجلس معهم, وكنت أشعر بسعادة عظيمة تغمرني, لم أشعر بها من قبل, كنت أشعر بالسعادة مع هؤلاء الأخيار تزداد يوماً بعد يوم, والضيق والهم والشقاء يتناقص يوماً بعد يوم, حتى امتلأ صدري بنور الإيمان, وعرفت الطريق إلى الله الذي كنت قد ضللت عنه مع ما كنت أملكه من المال والثراء والشهرة, وأدركت أن السعادة ليست في ذلك المتاع الزائل, إنما هي في طاعة الله عز وجل.
· نسيان الأحزان:
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: إذا نام المرء, خرج عن الدنيا, ونسي كل سرورٍ وحزن, فلو رتب نفسه في يقظته على ذلك أيضاً لسعد السعادة التامة.
ـــــــــــــــــــــ[17]
· ملازمة جماعة المسلمين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: نتيجة الجماعة: رحمة الله ورضوانه وصلواته وسعادة الدنيا والآخرة.
· الاستخارة
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: في المسند من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سعادة ابن آدم استخارته الله تعالى)، فالمقدور يكتنفه أمران: الاستخارة قبله، والرضا بعده، فمن توفيق الله لعبده وإسعاده إياه أن يختار قبل وقوعه.
· العقل:
قال الإمام ابن حبان رحمه الله: لا يتم دين أحد حتى يتم عقله وعمود السعادة العقل
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: العقل عقلان: عقل غزيري, وهو أبُ العلم ومربيه ومُثمرة. وعقل مكتسب مستفاد, وهو ولد العلم وثمرته ونتيجتُه.
فإذا اجتمعا في العبد فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, واستقام له أمرُه, وأقبلت عليه جيوشُ السعادة من كل جانب.
· استغلال الوقت فيما ينفع:
قال أبو علي الحسن الجوزقاني رحمه الله: من علامات سعادة العبد: مراعاته لأوقاته.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: ثم تبرق له بارقة أخرى, يرى في ضوئها عزة وقته, وخطره وشرفه, وأنه رأس مال سعادته, فيبخل به أن يضيعه فيما لا يقربه إلى ربه, فإن في إضاعته الخسران والحسرة والندامة, وفي حفظه وعمارته الربح والسعادة, فيشحُّ بأنفاسه أن يضيعها فيما لا ينفعه يوم معاده.
ـــــــــــــــ[18]
· التماس الأعذار للمخطئ, وقبول عذره:
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من أسباب السعادة: التماس الأعذار لمن أخطأ في حقك من إخوانك, بسبب غضب أو انفعال,...فاعتبرها زلة...وإذا اعتذر لك فاقبل عذره.
· الصبر, والشكر, والاستغفار:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الله سبحانه وتعالى المسئول المرجو الإجابة...أن يجعلكم ممن إذا أنعم الله عليه شكر, وإذا ابتلى صبر, وإذا أذنب استغفر, فإن هذه الأمور الثلاثة هي عنوان سعادة العبد.
وقال: ولما كان الإيمان نصفين: نصف صبر ونصف شكر, كان حقيقاً على من نصح نفسه وأحب نجاتها وآثر سعادتها أن لا يهمل هذين الأصلين العظيمين, ولا يعدل عن هذين الطريقين القاصدين وأن يجعل سيره إلى الله بين هذين الطريقين, ليجعله يوم لقائه مع خير الفريقين. فلذلك وضع هذا الكتاب للتعريف بشدة الحاجة والضرورة إليهما, وبيان توقف سعادة الدنيا والآخرة عليهما.
وقال عنوان سعادة العبد, أن يكون شاكراً لله على نعمه, الدينية والدنيوية, وأن يرى جميع النعم من ربه فلا يفخر بها ولا يعجب بها بل يرى أنها تستحق عليه شكراً كثيراً.
وقال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: أسأل الله الكريم, رب العرش العظيم, أن يتولاك في الدنيا والآخرة, وأن يجعلك مباركاُ أينما كنت, وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر, وإذا ابتلي صبر, وإذا أذنب استغفر, فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة
قال العلامة ابن باز رحمه الله: هؤلاء الثلاث عنوان السعادة, وإذا حرص المؤمن على هذه الكلمات تمت سعادته.
ــــــــــــ[19]
وقال: من رزق هذه الأمور الثلاثة وما شرعه الله فيها: وهو الصبر عند البلاء, والشكر عند الرخاء, والتوبة عند الذنب, تمت سعادته وأفلح غاية الفلاح.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: سنته الجارية التي لا تتغير ولا تتبدل أن من قام بدينه وشرعه لا بد أن يبتليه, فإن صبر على أمر الله, ولم يبال بالمكاره الواقعة في سبيله, فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها, ومن السيادة آلتها.
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: هذه الأمور الثلاث: إذا أُعطي شكر, وإذا ابتلي صبر, وإذا أذنب استغفر, هي عنوان السعادة, من وُفّق لها نال السعادة.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي: علامات السعادة, إذا أصابه نعمة شكر, وإذا أصابته بلية صبر, وإذا أذنب يتوب, و يستغفر.
· خوف الشقاوة:
كان أبو الحسن الضرير رحمه الله, يقول: علامة السعادة: خوف الشقاوة.
· الدعوة إلى الله عز وجل, والتواصي بالحق وبالصبر:
قال العلامة ابن باز رحمه الله: في سورة العصر أن من صفات الرابحين الناجين السعداء التواصي بالحق والتواصي بالصبر...هذه...صفات الرابحين, صفات السعداء
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ من أثر الدعوة على الإنسان في نفسه أن الداعية إلى الله عز وجل يشعر بالسعادة, ويشعر بانشراح الصدر, ليس عند الداعية إلى الله عز وجل قلق ولا ريب في صدره, ولا بعد عن السكينة والطمأنينة لأنه دعا.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من أسباب السعادة: الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر. وذلك مع نفسك أولاً, ثم من تعول, ثم مع من تستطيع, والأمر بالمعروف من أعظم مفاتيح أبواب السعادة.
ــــــــــــــــــ[20]
· الاشتغال بعيوب النفس عن عيوب الناس:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس, وويل لمن نسِي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس. هذا من علامة الشقاوة, كما أن الأول من أمارات السعادة.
· الورع:
قال محمد بن منصور الطوسي رحمه الله: من السعادة: الورع في الدين.
· الاهتمام بأمور المسلمين:
قال أبو علي الحسن بن علي الجوزقاني: من علامات سعادة العبد: اهتمامه بالمسلمين.
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من أسباب السعادة: مشاركة المسلمين في آلامهم وآمالهم, فإذا أحببت أن تسعَد فشارك إخوانك المسلمين في أفراحهم وأتراحهم.
· القراءة في كتب أهل العلم الموفقين:
قال العلامة ابن باز رحمه الله: من تأمل أحوال العلم الموفقين الذين نبغوا في هذه الأمة, وتدبروا كتاب ربهم, وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم,...كأبي العباس بن تيمية رحمه الله, وتلميذيه: العلامة ابن القيم, والحافظ ابن كثير, وغيرهم ممن برزوا في هذا الميدان من أئمة الشأن,...من تأمل أحوالهم, وفتح الله عليه بفهم ما قالوا وكتبوا رأى العجب العجاب, والعبر الباهرة, والعلوم الصحيحة, والقلوب النيرة, والبراهين الساطعة, التي ترشد من تمسك بها إلى طريق السعادة, وسبيل الاستقامة.
ــــــــــــــــ[21]
· الاستفادة من تجارب الناس:
قال الإمام الماوردي رحمه الله: إن السعيد من تصفح أفعال غيره فانتهى عن سيئها, واقتدى بأحسنها, فنال هنئ المنافع, وأمن خطر التجارب.
· الزهد في الدنيا
قال محمد بن منصور الطوسي رحمه الله: من السعادة: الزهد في الدنيا.
· طهارة القلب:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أسعد الناس في الدنيا: أطهرهم قلباً.
ــــــــــــــــــــ[22]
نصيحة عن السعادة من عالم جليل ومربي فاضل
هذه نصيحة للناس عموماً, وللأجيال الصاعدة خصوصاً, عن السعادة, من عالم فاضل, ومربي فاضل, وهو الشيخ عبدالله بن عبدالغني خياط إمام وخطيب المسجد الحرام رحمه الله, يقول: كان أول ما تلقيته من دروس الحديث النبوي: حديث ابن عباس رضي الله عنهما, ومطلعه قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي (يا غلام, إني أعلمك كلمات, احفظ الله يحفظك) الحديث, وختامه في رواية غير الترمذي ( واعلم أن ما أخطاك لم يكن ليصيبك, وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً, وما برحت هذه الفقرات الأخيرة من الحديث الشريف عالقة بذهني واتخذت منها قاعدة لاتجاهاتي في الحياة, لأن من شأن من عاش على الغبراء أن لا يسلم من ضراء قد تكون مؤلمة غير أن واجبه الشكر على السراء, والصبر على البلاء...
وكنت أستعيد عند كل سرّاء تدركني أو ضرّاء تكتنفني هذه الفقرة ( ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطاك لم يكن ليصيبك ) فترتاح لذلك نفسي, وكنت كلما نازعتني نفسي إلى إدراك ما يتمتع به غيري من مال, أو جاه, أو نفوذ, وما إليه مما تكون به الحظوة في دنيا الناس, أستعرض قول رب العزة في توجيهه لرسوله صلى الله عليه وسلم: ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ) [طه:131]
فأفدت العزوف عن كل ما يكون به الزهو من منصب أو جاه أو نفوذ وقنعت بما قسمه الله لي في الأزل, فلم أجد في نفسي ما يجده بعضهم من الولع بالتزاحم على العمل.
ـــــــــــــــ[23]
وإني إذ أسجل اليوم ذلك إنما أسجله لأدعو الأجيال الصاعدة وهم في مستقبل حياتهم العملية أن لا يحفلوا بحظوظ غيرهم, وأن لا يسبحوا في بحر من الأماني ليس له ساحل, ليكون لهم مثل ما أوتي غيرهم من الثروة أو النفوذ أو المراكز المرموقة مما يعول عليه الناس في دنياهم كمظهر للسعادة.
وأن لا يجهدوا أنفسهم في اتخاذ الوسائط, أو سلوك السبل الملتوية بغية الوصول إلى السعادة التي يصورها في نظر البعض: رغد العيش, والظهور في ثياب العظمة, ومظاهر الأبهة, فالطريق السديد الرشيد طريق السعادة وهو أن يقنعوا بقسمة الله, فالقناعة خير عادة للعزوف عن حظوظ الغير, وقطع جبل الأماني
وأن ينظروا إلى من هو دونهم في الفضل والنعمة والمواهب وغير ذلك, كما جاء في الحديث: ( انظروا إلى من هو أسفل منكم, ولا تنظروا إلى من هو فوقكم, قمن أن لا تزدروا نعمة عليكم ) وأن يضعوا نصب أعينهم أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم, وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم, وأن الله سبحانه أعلم بمصالح عباده, فيضع الأمور في موضعها, وفعل الحكيم لا يخلو من حكمة, فمن فاته شيء من حظوظ الدنيا في أي مجال من المجالات فليؤمن أن الله سبحانه سوف يعوضه عنه خيراً, ولا ييأس أو يبتئس أو ينظر إلى الحياة بمنظار أسود, فلن يطول أمد الشدائد, وليكن متفائلاً يبتسم للأزمات, وعليه مع ذلك أن يدأب على العمل, ولن يضيع الله عمل عامل إذا علم منه حسن القصد, وصدق العزيمة, والنية الصالحة, والاعتماد عليه وحده.
وإنني إذ أدعو الأجيال الصاعدة إلى هذا المنهج فلأن الآمال لديهم متفتحة, والمستقبل أمامهم ممدود, وإلا فالحديث عام لكل من ألقى السمع وطلب السداد في مذهبه واتجه إلى الله في كل مطلب يرومه.
ــــــــــــــــــ[24]
خاتمة
من قدّر الله عز وجل عليه فلم يجد أنواع النعيم في الدنيا, فلا يظن أنه حُرِمَ السعادة فليست السعادة في نعيم الدنيا وزينتها, قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الدنيا لو كانت هي المقصودة، وهي السعادة، لكان أحق الناس بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يمضي عليه الشهران والثلاثة ما يُوقد في بيته نار؛ وإنما طعامه الماء والتمر، وما شبع ثلاث ليالٍ تباعًا من خبز البر.
فلنجاهد أنفسنا لنيل كنوز السعادة التي ذكرها سعداء الأمة, لنفوز بالسعادة الأبدية الدائمة, قال العلامة ابن القيم رحمه الله: فادع نفسك إلى ما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته من النعيم المقيم, والسعادة الأبدية, والفوز الأكبر.
وجهاد المسلم نفسه يكون بالحرص على أداء الواجبات والمستحبات, وترك المحرمات والمكروهات.
أسأل الله الكريم لي ولجميع المسلمين السعادة في الدنيا والآخرة.
ـــــــــــــــــــ[25] 
فهرس الموضوعات
الموضوع
الصفحة
المقدمة
3
معرفة الله جل جلاله وتوحيده وإفراده بالعبادة
4
محبة الله جل جلاله
5
الاعتصام بالله عز وجل والتوكل عليه
5
طاعة الله عز وجل وعبادته
5
تقديم حق الله جل جلاله على حق النفس
5
الرد عند التنازع إلى حكم الله ورسوله
6
اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
6
الإيمان الصحيح والعمل الصالح
7
الرضا بالقضاء والقدر
7
الإخلاص في العمل
7
العلم النافع والعمل الصالح
8
الفقه في الدين
9
الاستمرار في تعلم مسائل التوحيد والقراءة في مسائله
9
التوبة والإنابة إلى الله
9
التقوى
10
الهداية والاستقامة على دين الله
10
ـــــــــــــــــ[26]
تلاوة القرآن الكريم وتدبره والعمل به
12
التعامل مع الناس بما يرضى الله عز وجل
13
حسن الخلق
13
الصدق في الأقوال والأعمال
13
التواضع والرحمة
14
الحياء
14
فعل الخير والإحسان إلى الأخرين
14
القناعة
14
حفظ الأمانة وعدم الخيانة
15
السلامة من الظلم والجهل
15
نبذ الخيلاء والكبر
15
قلة العيوب
15
أن تكون سيئات الإنسان نصب عينيه
15
طاعة الله وخوف عدم القبول
16
الزوجة الصالحة والأبناء البررة
16
المعاشرة بين الزوجين بالمعروف
16
مصاحبة الصالحين
17
نسيان الأحزان
17
ملازمة جماعة المسلمين
18
ــــــــــــــ[27]
الاستخارة
18
العقل
18
استغلال الوقت فيما ينفع
18
التماس الأعذار للمخطئ وقبول عذره
19
الصبر والشكر والاستغفار
19
خوف الشقاوة
20
الدعوة إلى الله عز وجل والتواصي بالحق والصبر
20
الاشتغال بعيوب النفس عن عيوب الناس
21
الورع
21
الاهتمام بأمور المسلمين
21
القراءة في كتب أهل العلم الموفقين
21
الاستفادة من تجارب الناس
22
الزهد في الدنيا
22
طهارة القلب
22
نصيحة عن السعادة من عالم جليل ومربي فاضل
23
خاتمة
25
فهرس الموضوعات
26
ــــــــــــــــ[28]

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها/لا أحد أحفظُ للمعروف من الله/الرحمة كلمة صغيرة ولكن/فوائد لبعض الأحاديث ( المجموعة الأولى)/...

من صيد الخاطر معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (الوكيل) د. باسم عامر بسم الله الرحمن الرحيم - الدليل: قال الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا حَسْ...